أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 5
|
||
العامل السياسي:
1- العامـل الســـياسي وقــراءة فــي الــقرن العشــــرين. 2- العـــــــامـــل الســــياســـــي وطـــريــــق الخــلاص. 3- العامل السياسي وتنبؤات في القرن الحادي والعشرين. المقــدمــة: يا أيها الناس: من كان يعبد القرن العشرين فالقرن العشرين قد مات… ومن يريد أن يعيش في القرن الحادي والعشرين فهو حي يرزق . نـداء التـاريـخ: إن القرن الحادي والعشرين قد بدأ مع حلول عام 2001م مرحلة تاريخية قد بدأت بلباس جديد. التاريخ يناديك بأن تغير لباسك السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالكامل . ليس أمامك إلا أن تختار: 1- إما أن تغير لباسك فيقبلك التاريخ كعضو فعال فيه فتسلم وتعيش. 2- وإما أن تخاصم التاريخ ولا تغير لباسك فيرفضك التاريخ وتنتهي. التاريخ يعطيك الحرية في أن تختار حياتك كما تريد. العامل السياسي وقراءة في القرن العشرين: ثلاث سياسات سيطرت على القرن العشرين بكامله وخضع لها كل إنسان على وجه الأرض: 1- سياسة سكين الجزار ” الإبادة الجماعية – هنود حمر “ 2- ســياســـة العـصــا: حــرق مـراحــل تاريخية بالعصا. 3- سياسة غصن الزيتون: إمكانية عيش البشر مع بعضهم البعض بالرغم من اختلافهم اللغوي والعرقي واللوني والثقافي كما خلقهم الله. فلسفة سكين الجزار: تقوم فلسفة سكين الجزار بكاملها على أنه يمكن لأمة ما أن تذبح أمة أخرى وتغتصب أرضها وتنشئ حضارتها على أنقاضها ولكي يتم هذا يجب أن تطبق المراحل التالية: 1- الاستيلاء على الأرض. 2- إبادة كل ما عليها من البشر وثقافاتها المادية والروحية وإبادة كل مكوناته التاريخية وتزييفها. 3- بناء حضارة عمرانية وثقافية على أنقاض الأمة المذبوحة . 4- ولكي يتم هذا يجب إدارة الظهر لكل القيم والمثل العليا الإنسانية الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على البشر في كتبه المقدسة وكلف الأنبياء والرسل بنشرها بين الناس لينظموا أمورهم الدنيوية بها . وكذلك صم الآذان وعدم الالتفات إلى صرخات المفكرين والفلاسفة والكتاب الذين يدافعون عن القيم الإنسانية. 5- إحلال شريعة الغاب محل شريعة السماء والأرض بين البشر كأسلوب للتعامل الإنساني والحياة للأقوى . 6- القيمة العليا والمهمة هي الاحتلال الأرض واستغلال الخيرات الظاهرية والباطنية. الجذور التاريخية لهذه السياسة وكيف ظهرت: منذ ثلاثة آلاف عام تقريباً ظهر مفهوم يتألف من كلمة واحدة وهو” الديمقراطية ” أبدعها شعب صغير من القارة الأوربية هو الشعب اليوناني ومارسوا سياسة بهذا المفهوم . ثم نام هذا المفهوم ولفترة بلغت قروناً طويلة ، حيث خيم الظلام على البشرية مادياً وروحياً ومع نهاية القرون الوسطى استفاق مفهوم ” الديمقراطية ” وظهر له أنصار من الفلاسفة والمفكرين العظام وأوجدوا لها فلسفة وثقافة وصاروا ينشرونها بين الناس ويدافعون عنها. لقد لاقوا يومها مقاومة شديدة من القوة القديمة ، وقد دفع ذلك بعض المفكرين العظام حياتهم من أجل ذلك . ولكن هذا المفهوم تطور وترسخت ثقافته وفلسفته فسيطرت على عقول الناس ورأوا فيها خلاصهم من ظلام القرون الوسطى المادي والروحي معاً. وهكذا بدأت تظهر فوق القارة الأوربية دول وحكومات على أساس هذا المفهوم وتطورت منظوماتها السياسية ومؤسساتها وفرضت نفسها كنظام سياسي متكامل له ثقافته وفلسفته ، وهكذا خلق هذا المفهوم مناخاً بالغ الأهمية والذي ستؤثر نتائجه فيما بعد على العالم كله. تمكن العلماء في ظل الأمن والسلام الاجتماعي والتوجه نحو دراسة المادة ، فكشفوا أسرارها تباعاً وانقلبت أوربا بكاملها إلى ساحة للإبداع العلمي وظهرت المخترعات الجديدة وبها تمكن الإنسان من تغيير أسلوب تعامله مع الطبيعة ، بل بدأ الهجوم على الطبيعة . لقد ضاقت القارة الأوربية بشعوبها وقلة خيراتها الظاهرية والباطنية ، فانطلقوا شرقاً وغرباً وجنوباً بعد أن ملكوا كل وسائل المواصلات والأدوات والأسلحة وكانت المفاجأة سارة لهم عندما وطأت قدمهم أرض قارة جديدة كانت مجهولة تماماً ، وكان اكتشافـاً رائعاً لمن اكتشفوها وكانت بنفس الوقت كارثة لمن كان يسكنها من البشر . قارة غنية بثرواتها الظاهرية والباطنية الهائلة والتي لم تمسها الأيدي بتاتاً . لقد نزل الإنسان الأبيض فوق قارة جديدة وهو مسلح بالعلم والمعرفة والتكنولوجية والبارود . قارة مليئة بالذهب والحديد والنبات والبترول فيما بعد ، وكل هذا من مقومات المجتمع الصناعي وذلك هو المطلوب فلا بد من الحصول عليها ولكن المشكلة الكبيرة التي جابهت العنصر الأبيض هو وجود بشر بلون أحمر ، إنهم بشر ولكنهم مختلفون حضارياً إلى أبعد الحدود . مازالوا يعيشون على الطبيعة وما تنتجه من ثمار وجذور ، سلاحهم القوس والنشاب ، ثقافتهم الأساطير والخرافات . كان لابد من تنظيف الأرض أولاً من هذا العرق المتوحش كما ادعوا ، ومن هنا ظهرت سياسة سكين الجزار ” إبادة الهنود الحمر” وهذ1 ما جرى بالفعل بواسطة هذه السياسة. وتم تشكيل دولة عرفت باسم الولايات المتحدة الأمريكية وكمعلم لهذه السياسة وفلسفتها وثقافتها . والتي ستنتشر فيما بعد على الكرى الأرضية بكاملها ، لقد عانت فيها الإنسانية حتى حلول القرن الحادي والعشرين لتكون خطراً على البشر والطبيعة معاً ، تهددهم بالفناء وتسبب في حدوث طوفان نوح جديد ، كما ذكرت في ” دوحة الحرية ” وقيام يوم القيامة كما ذكرت الكتب المقدسة . ظهور تلاميذ لسياسة سكين الجزار: لقد ظهرت الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن انتهت من ذبح الهنود الحمر بواسطة سياسة سكين الجزار وظهر معها مجتمع صناعي بسبب غنى هذه القارة وأصبحت الولايات المتحدة معلماً لهذه السياسة ، خلق هذا المعلم روحاً تنافسية شديدة ولنقل الغيرة والحسد بين الشعوب الأوربية الأم . واندفع الإنكليز والاسبان والفرنسيون والبرتغال… نحو الشرق والجنوب ونحو القارة الاسترالية ووقعت القارة الافريقية والآسيوية والاسترالية بكاملها في قبضتهم وبدأ كل واحد منهم ينافس الآخر في التعامل مع شعوب هذه القارات بسياسة سكين الجزار ” الإبادة الجماعية ” واعتبار سكان تلك البلاد هنود حمر وهكذا ظهر تلاميذ سياسة سكين الجزار . فلسفة تلاميذ سكين الجزار في أوربا: تقوم فلسفة تلاميذ سكين الجزار على التالي: إن أولاد عمومتنا البيض الذين انتقلوا إلى القارة الأمريكية الجديدة والذين غيروا هويتهم واتخذوا لهم هوية جديدة ووطناً جديداً وشكلوا لهم دولة على أنقاض شعب مذبوح وهم لم يتمكنوا من ذلك إلا بواسطة علومنا ومعارفنا وتكنولوجيتنا . فلماذا لا نقوم نحن بذلك ما الذي ينقصنا؟ وهكذا بدأ الانطلاق نحو الشرق والجنوب وكل واحد منهم يختار شعباً أو أمة وأرضاً ويدعي أنه أصبح ملكاً له إلى الأبد . وبدأ الذبح والقتل بكل ما أوتوا من قوة . ادعت إنكلترا طويلاً أن الهند هي تاج بريطانيا العظمى . والفرنسيون ادعو أن الجزائر فرنسية لا يمكن التخلي عنها وكذا الإسبان والبرتغاليون . لقد وقعت شعوب هذه القارات بالكامل تحت رحمة سكين الجزار مدة قرنين من الزمن تقريباً . إذا احتج أحد المفكرين أو الفلاسفة ذوي النزعة الإنسـانية عليهم وقالوا إنما تفعلونه غير معقول وغير جائز ومخالف لأمر الله. قالوا: ولم لا هاهي أمريكا بكل حضارتها وقوتها قائمة . إنها حقيقة قائمة . وهكذا ترسخت أقدام التلاميذ في هذه القارات الثلاث ودامت فترة طويلة من الزمن . بداية القرن العشرين وظهور فرع آخر من التلاميذ لسياسة سكين الجزار في الشرق الأوسط: الشرق الأوسط والأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية وظهور تلاميذ التلاميذ لسياسة سكين الجزار . لقد التف التلاميذ الأوربيون بسياسة سكين الجزار حول الشرق الأوسط بأممه الأربعة بعد أن اكتملت سيطرتهم على القارة الهندية واسترالية وإفريقية الجنوبية بكاملها لقد كانت حاسة الشم عندهم قوية هذه الحاسة ظهرت لأول مرة عندما زار أحد خبرائهم إيران فوجد هناك ناراً مشتعلة . هذه النار كان يعتبرها السكان المحليون ناراً مقدسة . عندما رأى تلك النار قال كلمته المشهورة والتي سجلها له التاريخ (إن النور يأتي من الشرق). لقد أدرك يومها بمعرفته العلمية أن هذه النار المشتعلة ليست سوى غازات منبعثة من البترول داخل الأرض وأن البترول سيكون الدم الحي للآلة الصناعية بأكملها . ولا بد للشعوب الأوروبية من أن تضع يدها على هذه الأرض قبل غيرها إذا كانت تريد المحافظة على بقاء حضارتها وصناعتها. كان لا بد من تكليف مهمة تنفيذ سياسة سكين الجزار لتلاميذهم وتم فعلاً إيجاد تلميذ مطيع ومخلص وكان يتم تحضيره منذ زمن حتى قبل انهيار الإمبراطورية العثمانية هذا التلميذ الذي ظهر في تركيا هو مصطفى كمال الذي اتبع سياسة سكين الجزار ( سعيد من يقول أنا تركي ) وهكذا ظهرت الكمالية كفلسفة وثقافة . وقلدها العرب ( سعيد من يقول أنا عربي ) ثم الفرس ( سعيد من يقول أنا فارسي ) وتمت ممارسة سياسة سكين الجزار وفق الفلسفة الثقافية الكمالية خلال القرن العشرين بكامله . المفارق التاريخية العجيبة والشرق الأوسط: لقد ظهرت مفارقة عجيبة فيها من الأسرار العميقة . هذه المفارقة لم تظهر في أي بقعة من الكرة الأرضية والمفارقة هي: لقد اجتمعت ستة سكاكين لذبح الشعب الكردي طوال القرن العشرين بكامله وهي: 1- الســكين الأمريكــي 2- الســكـــين الأوربــي 3- الســكين الــتركـي 4- الســكين العربـي 5- الســـكـين الفارســـي 6- الســـكين السوفيتي هذه السكاكين الستة اجتمعت دفعة واحدة لذبح الشعب الكردي وفق أيديولوجية وفلسفة وثقافة الكمالية حقاً أنه لأمر غريب ما السر في ذلك؟ والسؤال ترى ما الذي جمعهم ؟ كانوا مختلفين في كل شيء إلا في ذبح الشعب الكردي يعقدون الاتفاقات ويساومون بعضهم البعض على حساب الشعب الكردي . لقد كان إعلامهم يصرع الدنيا ويفضح بعضهم البعض في كل مكان ولكنهم يخسرون عندما يأتون إلى الشعب الكردي . ولكن أربعون مليون من الشعب الكردي ما زال حياً يرزق كما بينت في الحقيقة رقم -3- . ترى هل بقي حياً بالرغم من كل هذه السكاكين؟ وهل هي إرادة الله أم إرادة التاريخ ؟ أم إرادة المادة؟ لقد بينت في ” دوحة الحرية ” من أنه لا يوجد مكان في الكرة الأرضية في العصر الحديث انتهكت كرامة الإنسان فيه سوى كردستان وشعبها الكردي . وفي المكان الذي تنتهك فيه كرامة الإنسان ويصل إلى درجة الحقارة تظهر فيه أعظم الرسالات والشخصيات التاريخية التي ستخلص الإنسانية من شرورها . وتنبأت من أن جبل جودي سيظهر اسمه مرة أخرى في تاريخ الإنسانية بكاملها كما ذكرت الكتب المقدسة . ربما اجتمعت كل هذه السكاكين مع بعضها البعض على ذبح الشعب الكردي لكي لا يحدث هذا الفرق بين التلاميذ الأوربيين والتلاميذ الشرق أوسطيين: 1- التلاميذ الأوربيون يحكمون مجتمعات صناعية . تلك المجتمعات انطلقت من نقطة الصفر وتخلص الأوربيون من المجتمع الطبيعي منذ زمن بعيد . 2- أما التلاميذ الشرق أوسطيين فكانوا مفلسين تماماً يحكمون مجتمعات ذات اقتصاد طبيعي . لقد كلفهم تلاميذ سايكس بيكو لينفذوا بالنيابة عنهم سياسة سكين الجزار فقاموا بتأدية المهمة بكل إخلاص وبراعة بعد أن أوجدوا لهم فلسفتها وثقافتها وحموهم سياسياً وعسكرياً وإعلاميا لقد أثبت التاريخ أن التلاميذ الشرق أوسطيين هم أكثر إخلاصاً لسياسة سكين الجزار (( لقد كانوا ملكيين أكثر من الملك )). الجذور التاريخية لظهور التلاميذ الشرق أوسطيين: لقد تطورت الحركة التاريخية وتقدمت إلى الأمام بشكل نوعي . لقد بات خلاص البشرية من ظاهرة الاستعمار ضرورة تاريخية بعد أن انتشرت أفكار وفلسفة الدولة القومية التي ظهرت في أوربا وشعاراتها: الحرية والمساواة والعدل ونظمها السياسية . وبعد أن أشبعت سياسة سكين الجزار شعوب العالم الظلم والقهر والتعسف والمذابح كان لا بد من أن يهب رياح التغيير على العالم وتنفجر في مكان ما . وهذا ما حدث: لقد انفجرت في روسيا القيصرية على أساس نظرية وفلسفة جديدة أبدعها مفكرين عظيمين هما: ماركس وأنجلس. وتمكن الشعب الروسي بقيادة لينين من قلب القيصرية واستلام السلطة وتشكلت دولة جديدة سميت بالاتحاد السوفيتي على أساس الملكية الجماعية . لقد أدرك التلاميذ الأوربيون على الفور أن رياح التغيير قد هبت وإذا لم ينسحبوا من الشرق الأوسط فإن امتداد النظام الاشتراكي الذي ظهر في الشرق الأوسط لا محال وبذلك سيقع بترول الشرق الأوسط بكامله في قبضة النظام الاشتراكي وستقع كل الحضارة الرأسمالية العالمية تحت رحمة النظام الاشتراكي وهذا يعني نهايتهم . فإذا بقوا مستعمرين لهذه المنطقة فالاتحاد السوفيتي سيستغل كل رواسب الماضي ومعاناة شعوبها من النظام الاستعماري لهم وما عانوه من سياسة سكين الجزار ، وحتماً سيدعم الاتحاد السوفيتي هذه الشعوب بالمال والسلاح ومع وجود الفقر والقهر والمعاناة ستقع الكارثة على المستعمرين وسيكون هناك مذبحة رهيبة لجنودهم وستنتقل أخبار مذابح جنودهم إلى شعوبهم وستكون نهاية نظامهم الرأسمالي بأكمله . لذلك لم يكن أمامهم سوى تغيير تكتيكاتهم ، وهكذا انسحبوا وشكلوا دولاً تم قبولها من هيئة الأمم تبعاً ثم ربطوا هذه الدول والشعوب بتحالفات واتفاقيات سياسية وعسكرية وأمنية تخولهم عند الضرورة التدخل لنجدة تلاميذهم . وهكذا ظهرت فكرة إيجاد تلاميذ شرق أوسطيين وتركوا لهم كامل الحرية فيما يفعلون بشعوبهم وفق سياسة سكين الجزار . الغاية من وجود تلاميذ مفلسين في الشرق الأوسط: لقد تم التخطيط وبذكاء خارق لهدفين استراتيجيين على المدى البعيد وهما: 1- سحب المال الذي سيظهر خلال وجود الدول القومية بالكامل. 2- ســــــحب العــقول المــــبـدعة مــن هــذه الشـــعوب. هذان عاملان أساسيان لقيام مجتمع صناعي. قام التلاميذ الشرق أوسطيين بهذه المهمة خير قيام… وتم رحيل التلاميذ الأوربيين من الشرق الأوسط وهم مطمئنين تماماً من إخلاص التلاميذ الشرق أوسطيين . والواقع التاريخي ونحن ندخل القرن الحادي والعشرين يجبرنا على أن نعترف بنجاح هذه السياسة تماماً . فقد تم فعلاً سحب كل المال الذي ظهر وخلال قرن من الزمن من الشعوب الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية وتم وضعه في البنوك الأوربية. وتم تفريغ الأمم الأربعة من العقول المبدعة: السياسية والعلمية والاقتصادية والثقافية بالكامل . ولم يبقى سوى المستهلكين للبضائع الأوربية . لقد نجحت هذه السياسة وبواسطة تلاميذ التلاميذ الشرق أوسطيين في إبقاء الأمم الأربعة ضمن المجتمعات ذات الاقتصاد الطبيعي تماماً . وهاهي تدخل القرن الحادي والعشرين وهي لا تملك من مقومات المجتمع الصناعي شيئاً . مازالت في نقطة الصفر .لقد فقدت هذه الشعوب الأمن والسلام الاجتماعي طوال قرن من الزمن والذي يعتبر أهم عامل للانتقال إلى المجتمع الصناعي . تقوم فلسفة التلاميذ في الشرق الأوسط على المنطلقات التالية: لقد اعتبر التلاميذ الشرق أوسطيين أن التاريخ يبدأ منذ قيام الدولة القومية بموجب اتفاقية سايكس بيكو وقبول هذه الدول أعضاء في هيئة الأمم المتحدة . وهيئة الأمم المتحدة هي بدأ التاريخ البشري بكامله . هذه الهيئة أعطتهم الحق القانوني في الدولة بحدودها المعترف بها دولياً وأعطتهم صك السيادة على الأرض وليس لأي كان حق التدخل في شؤونها . وبناء عليه فكل تلميذ ادعى أن كل ما هو موجود من شعب وأرض وثقافة وحضارة هو ملك له فقط وله كامل الحق والتصرف به كما شاء . وكل من يدعي خلاف ذلك فلا حق له في الحياة ويجب أن يتعرض لسكين الجزار . وهكذا تمت ممارسة هذه السياسة خلال القرن العشرين بكامله وبموافقة ودعم التلاميذ الأوربيين . 2- سياسة العصا: الجذور التاريخية لظهور سياسة العصا : ظهرت سياسة العصا كرد فعل لسياسة سكين الجزار . لقد امتدت سياسة سكين الجزار وثقافته وفلسفته لتشمل الكرة الأرضية وحولت كل شعوب القارات الأمريكية والأفريقية والاسترالية والآسيوية إلى عبيد . وحولت سطح الكرة الأرضية إلى مسلخ بشري . ونتيجة لهذه السياسة فقد اختفت شعوب كثيرة بكل بشرها وتاريخها وثقافتها . وكان لا بد من ظهور نبي الخلاص. وبعد نضج الظروف الموضوعية والذاتية وبعد تطور علمي واجتماعي وانقسام المجتمع الصناعي إلى طبقات متضادة وظهور طبقة البروليتاريا كطبقة واضحة المعالم . كان لا بد من ظهور فلسفة وأيديولوجية جديدة لهذه الطبقة . وهذا ما حصل . كان ظهور ماركس وأنجلس ومن بعدهم لينين . لقد وضع هذان المفكران أسس نظرية جديدة للطبقة العاملة التي أوجدها المجتمع الصناعي والتي أوكل إليها خلاص البشرية من سياسة سكين الجزار . فصدرت أول وثيقة لهذه النظرية عرفت بالبيان الشيوعي عام 1848م . وهكذا ظهر اليسار المتطرف مقابل اليمين المتطرف ، وبدأ صراع أيديولوجي حتى بداية القرن العشرين وفي عام 1917م تمكن اليسار المتطرف من استلام السلطة وشكل دولة سميت بالاتحاد السوفيتي وظهر معها سياسة العصا . لقد استبدل اليسار المتطرف عصا القيصرية بعصا البروليتاريا ، وعندها بدأ صراع سياسي وأيديولوجي جديد في تاريخ البشرية بين اليمين المتطرف واليسار المتطرف . وانقسم العالم كله إلى معسكرين إيديولوجياً وسياسياً: معسكر اليمين المتطرف بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية كمعلم لسياسة سكين الجزار . معســكر اليســــار المـتـطـرف بـزعــامـة الاتحـاد الســـوفيتي وكمـعلم لســياسـة العــصا . فلسفتان وثقافتان وسياستان مختلفتان متضادتان . اليمين المتطرف يحاول إيقاف حركة التاريخ ويثبتها بواسطة سكين الجزار ، اليسار المتطرف يحاول تغيير حركة التاريخ وإسراعها بواسطة سياسة العصا . وهكذا انطبع القرن العشرين بطابع الصراع بين هاتين السياستين . لقد حاول اليمين المتطرف تثبيت أقدامه وإيقاف التاريخ: فأحيا كل الإيديولوجيات القديمة الدينية والقومية والعنصرية والفاشية والمذهبية والعشائرية والقبلية لمجابهة سياسة العصا . وحاول اليسار المتطرف القضاء على كل تلك الإيديولوجيات بالعصا والإكراه محاولاً إحراق مراحل التاريخ ودفعهم إلى الأمام . ونتيجة لهذا الصراع أبيدت شعوب بكاملها وتوقف نمو المجتمعات ذات الاقتصاد الطبيعي ولم تتمكن من الانتقال إلى المجتمع الصناعي فكان الفقر والتخلف الاقتصادي نصيبها. وبالمصلحة: لم تتمكن الدولة القومية التي أقيمت من ترسيخ بنائها وفق شعارات الدولة القومية ومؤسساتها التي ظهرت في أوروبا ” الحرية والمساواة والعدالة ” . وظهر انقسام وطني كبير داخل هذه المجتمعات وفقد الأمن والسلام الاجتماعي ورجع الناس إلى مجتمع العشيرة والقبيلة والمذهب والطائفة ليجدوا فيها أمنهم وسلامهم. ونتيجة لهذا الصراع برز خطران على المستوى العالمي: 1- خطر إبادة الجنس البشري بواسطة أسلحة الدمار الشامل. 2- خطر تدمير الطبيعة . وبات قيام الساعة أمراً ظاهراً للعيان. القرن العشرين وظهور سياسة غصن الزيتون: بعد ظهور هذين الخطرين على الإنسان والطبيعة وفي الوقت الذي كانت سياسة سكين الجزار تذبح الناس والشعوب من قبل المعلم والتلاميذ بتهمة الإرهاب والانفصال وخارجين عن القانون ، وسياسة العصا تقود ألوف الناس إلى أعماق السجون والمعسكرات وتقطع الألسنة وتمنعهم من التعبير بتهمة رجعيون – عملاء الإمبريالية وخونة وأعداء الشعب من قبل المعلم والتلاميذ بغية تربية الناس. وهنا لا بد من إبراز عدة نقاط فقط كمثال لما أصاب البشر والطبيعة وما تركه من آثار مدمرة قد لا تمحوه الأيام من ذاكرة التاريخ: 1- القنابل الذرية التي ألقيت على اليابان ” هيروشيما وناغازاكي “ 2- اســتخدام اليورانيوم المنظم في حــروب الخــليج وكوســوفو . 3- إلــقـاء القــنابل الكــــيماوية عـلـى مــــدينة حلبجة الكــــردية . 4- ظــهـــور فــتــحــة فـــي طـبــقــة الأوزون . لقد بات الخطر واضحاً على البشر والطبيعة معاً . ترى ما قيمة حضارة إذا كانت تهدد وجود البشر والطبيعة معاً ؟ إذا كان لا بد من ظهور سياسة الخلاص . وهكذا ظهرت سياسة غصن الزيتون بفلسفتها وثقافتها إلى جانب السياستين المدمرتين . قام بإبداع هذه السياسة شعب أوربي صغير هو الشعب السويسري . ومرة أخرى تأخذ القارة الأوربية دور المبادرة لخلاص البشرية . ففي المرة الأولى قام بها الشعب اليوناني وعندما أبدع مفهوم الديمقراطية وتمكن العالم من الانتقال من المجتمع الطبيعي إلى المجتمع الصناعي . لقد أتم مفهوم الديمقراطية مهمته بالكامل ووصل إلى نهايته ، ونتيجة للتطور العلمي والتكنولوجي الذي حصل لهذا المفهوم بات الخطر يهدد البشرية والطبيعة . كان لا بد من ظهور مفهوم آخر ليخلص البشرية والطبيعة من الهلاك ومن طوفان نوح كما ذكرت في دوحة الحرية . وفي هذه المرة جاء الإبداع من شعب أوربي صغير بمفهوم” حقوق الإنسان وسياسة غصن الزيتون ” . 3- فلسفة حقوق الإنسان وسياسة غصن الزيتون: تقوم فلسفة حقوق الإنسان وسياسة غصن الزيتون على المنطلقات التالية: ولد الإنسان حراً ومن حقه أن يعيش حراً. له حقوق طبيعية كل إنسان بحاجة إلى مأكل وملبس ومسكن وممارسة الحرية وأن يشارك في تقرير مصيره… وفي التعبير والكتابية والاجتماع… لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بقدر ما يحترم حقوق الإنسان… لا فرق في حقوقه الطبيعية سواء أكان أبيض أو أسود مهما تكن لغته وثقافته وملبسه وعقيدته . إن الله خــلق العـباد والكون والموجدات ، خلقوا مختلفين من اللون والطـول والوزن والـعرق والقـوم ، هذه هي إرادة الله وكل من يلغي أحدها فهو ضد الله . لا يجوز للأمة ما أو شعب ما أو فرد ما أن يذبح أمة أخرى مهما تكن المبررات . إن الله سبحنه وتعالى خلق الكون وهذه اللوحة الرائعة من الأحياء والألوان لكل منهم حق الحياة . فإن كانت فلسفتك روحية – وهذا حق لك – فلا تعبث بهذه اللوحة الرائعة لأن الله سبحانه وتعالى الذي تؤمن به هو الخالق . وإن كانت فلسفتك مادية فإن المادة لا تكف ( كرمال خاطرك ) من أن تخلق الألوان والأشكال والأقوام والألسن . الله سبحانه وتعالى لم يخلق لوناً واحداً: أبيض أو أسود . إن الله الذي خلق عربياً وفارسياً وتركياً خلق أيضاً كردياً ، لم يقل لنا الله في كتبه المقدسة أنه خلق العربي فقط أو الفارسي أو التركي ليقتل ويذبح كل ما عداه وليسود هو فقط على الأرض . بل قال تعالى في كتابه العزيز (( إنَّ خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)) ، لقد اختلطت الشعوب ببعضها هجرة وثقافة واقتصاد وسياسة . إن كلمة الانفصال باتت خرافة يرددها الجهلاء بعلم التاريخ ولم يحلم بها سوى الأغبياء . لقد حان الوقت لكي تعيش البشرية مع بعضها البعض دون اقتتال أو إكراه . تجمعهم شريعة واحدة وهي حقوق الإنسان وسياستها غصن الزيتون . وبناءاً على هذه الشريعة يمكن أن يكون في وطن واحد عدة قوميات وعدة ألسن يصنعون معاً تاريخاً مشتركاً ويبدعون ثقافة مادية وروحية معاً . لكل واحدٍ منهم لغته وقوميته وثقافته وحقوقه الطبيعية ، تجمعهم فيدرالية سياسية حين يسود الأمن والسلام الاجتماعي . وهذا هو النموذج السويسري . هكذا برزت إلى الوجود سياسة غصن الزيتون وفلسفتها . الفرق بين سياسية سكين الجزار والعصا وغصن الزيتون: 1- إن سياسة غصن الزيتون لا تحتاج إلى أساطيل بحرية أو جوية ولا إلى قنابل ذرية أو هيدروجينية أو كيماوية لأنها تعترف بحق كل إنسان وكل قومية للعيش بكرامة فوق أرضه ، المهم هو التفاعل الثقافي . 2- ستكون أسلحة سياسية غصن الزيتون البيض الفاسد والبندورة الفاسدة وقوالب الكاتو . 3- لم يعد باستطاعة حكام سياسة سكين الجزار والعصا أن يطلوا برؤوسهم على الناس ، لقد مضى العهد الذي كان يصورهم الناس والمثقفون الانتهازيون أبطالاً. 4- إن التخلص من مخزون أسلحة الدمار الشامل بات ضرورة تاريخية ، لم تعد تنفع أصحابها على الإطلاق لأنهم سيكونون في حروب مع شعوبهم بالذات . 5- إن البشرية ستدخل بواسطة سياسة غصن الزيتون مرحلة إنسانية متطورة جداً . ستعمل على تنظيم علاقاتها الإنسانية وفق شريعة حقوق الإنسان . 6- لقد أظهر التاريخ علاقة استراتيجية بين شعوب العالم المتقدم وشعوب العالم المتخلف لتخليص البشرية والطبيعة من شرور أصحاب سياسة سكين الجزار والعصا. 7- أصبحت كلمة الحقيقة عملاقاً كبيراً لا يمكن لأحد أن يصارعه. 8- لم يعد باستطاعة أحد أن يخفي قرعته من أحد ، فإما الحقيقة وإما حياة مزيفة مكشوفة . 9- لم يعد باستطاعة سياسة سكين الجزار والعصا من الاستمرار لأن المستقبل وكل المستقبل لسياسة غصن الزيتون . وإليكم الأدلة: 1- ظهور الاتحاد الأوربي نتيجة لسياسة غصن الزيتون وكان أول النتائج. فبالرغم من الصراع المأساوي الذي مارسته شعوب القارة الأوربية بسياسة سكين الجزار وفلسفتها وثقافتها تمكنت سياسة غصن الزيتون وفلسفتها وثقافتها وشريعتها من أن تجمع هذه الشعوب في اتحاد أممي رائع بالاختيار الطوعي ولتبرز كنموذج للتواصل البشري الاجتماعي . 2- انهيار الاتحاد السوفيتي وسياسة العصا الذي كان قائماً بالإكراه بين شعوبه وانهار معه كل تلاميذه. 3- بدأ الانهيار يصيب جسد معلم سياسة سكين الجزار بالذات : الولايات المتحدة الأمريكية والذي قام على الإكراه . وهذا ما أظهرته الانتخابات التي جرت عام 2001م بين الحزب الديمقراطي والجمهوري . إن النتائج التي ظهرت ستترك آثارها البعيدة على مجتمع هذه الدولة التي قامت على أساس سكين الجزار والتي ستنعكس على العالم أجمع. ستظهر قوى جديدة في المجتمع الأمريكي تتبنى سياسة غصن الزيتون لتلعب دوراً هاماً وإيجابياً في نشر ثقافته وفلسفة سياسة غصن الزيتون وسينهار كل تلاميذ سياسة سكين الجزار على مستوى العالم. يخطئ من يظن أن ذاكرة التاريخ يمكن أن تنسى المجازر التي ارتكبت بحق الإنسان بواسطة سياسة سكين الجزار أو العصا . وإليكم الأمثلة: كاد الكونغرس الأمريكي على وشك اتخاذ قرار بحق الأتراك والذين ارتكبوا مجزرة بشرية بحق الشعب الأرمني ، ولكن الحزب الديمقراطي أراد أن يوقف حركة التاريخ فأزاله التاريخ من المسرح السياسي . فإذا استطاع الحزب الديمقراطي أن يعرقل حركة التاريخ ولو قليلاً فإن حركة التاريخ قد أجابت وبالسرعة المطلوبة . واتخذ البرلمان الفرنسي قراراً تاريخياً واعتبر أن ما حصل للأرمن من قبل الأتراك لم يكن سوى مجزرة بشرية كانت باكورة سياسية سكين الجزار لتلاميذ الشرق الأوسط . وغداً سيظهر ملف هيروشيما وناغازاكي وحلبجة وحرب الخليج وكوسوفو ولا أحد يستطيع أن يوقف حركة التاريخ . 4- عندما يجتمع أعضاء فيما يسمى بمنتدى الاقتصاد العالمي يحتاجون لعشرات الألوف من الجنود والشرطة لتحميهم من غضب الجماهير . لقد مضى الزمان الذي كانوا يعتبرون أنفسهم رجال أعمال مرموقين يحسدهم الناس ، بل تحولوا في نظر الناس إلى خنازير بشرية . إن المال الذي جمعوه ليس إلا نتيجة تدمير البشر للطبيعة لم يعد ينفعهم مالهم ولا مركزهم فباتوا في حيرة… كيف يمكن أن يمحو أنفسهم من البندورة والبيض والكاتو الفاسد. 5- لقد بدأت سياسة سكين الجزار تنهار وانهارت معها كل فلسفتها وثقافتها . 6- بدأت سياسة غصن الزيتون تنتشر في كل مكان وستسود خلال القرن الحادي والعشرين لأنها تحمل إرادة الله والتاريخ والمادة . 7- إن سياسة غصن الزيتون ستفتتح الطريق لأول مرة في التاريخ البشري وخلال القرن الحادي والعشرين لتحقق أول منجز عملي هائل سيقلب حياة البشر رأساً على عقب ، سيتغير كل ما هو قائم: مأكله وملبسه ومسكنه ، اقتصاده وسياسته وثقافته وعاداته ومبادئه وعقائده . 8- هذا المنجز هو الاتصال لأول مرة بين الإنسان على سطح الأرض وكوكب آخر في السماء ، وهناك مؤشرات ودلائل قوية على أن هناك نوعاً آخر من الحياة فوق أحد الكواكب . لكن ما شكله ما لونه ما حضارته . هذا ما ستكشفه الأيام . إن هذا اللقاء مشترط بالخلاص من سياسة سكين الجزار والعصا معاً ، فكلما أسرعت البشرية من الخلاص من هذه السياسات كلما كان اللقاء أسرع . ستؤمن سياسة غصن الزيتون الأمن والسلام للبشر والطبيعة معاً ، وسيكرس المال والطاقات والعقول في الشرق والغرب لتحقيق هذا الإنجاز العلمي الرائع… وإن غداً لناظره لقريب . القضية الكردية وسياسة سكين جزار والعصا في الشرق الأوسط: 1- القضية الكردية وسياسة سكين جزار والعصا وأثرها على شعوب الشرق الأوسط الأربعة : العربية والفارسية والتركية والكردية. 2- القضية الكردية ” فزاعة ” لسياسة سكين الجزار والعصا . 3- هل يمكن اعتبار الشعب الكردي هنوداً حمر؟. 4- ما رأي التاريخ في القضية الكردية ؟. القضية الكردية وسياسة سكين جزار والعصا وأثرها: لقد مورست السياسة في الشرق الأوسط من قبل الأمم الثلاث: العربية والفارسية والتركية بواسطة سياسة سكين الجزار والعصا معاً على الشعب الكردي طوال القرن العشرين وعلى الشكل التالي: لقد اعتبر اليمين المتطرف واليسار المتطرف الشعوب الثلاثة العربية والفارسية والتركية الشعب الكردي فزاعة . واعتبر اليمين المتطرف أن الشعب الكردي بأكمله عملاء وكفار تابعيين للاتحاد السوفييتي الملحد الكافر الاشتراكي ، ولا بد من ذبحه بالكامل . واعتبر اليسار المتطرف الشعب الكردي قومياً متعصباً وعميلاً للإمبريالية والرأسمالية . رجعيون عشائريون لا بد من تربيتهم وخداعهم . واستطاع اليسار المتطرف من أن يجعل الإنسان الكردي يحلم ثمانين عاماً منتظراً قدوم الجيش الأحمر ليحل مشكلته وعلى قاعدة “عيش يا كديش تا يجي الربيع وتعيش” وانتظر الشعب الكردي وحلم بأن يحل الربيع ويأتي الجيش الأحمر فلا الربيع حل ولا الجيش الأحمر أتى ، ” ومات الكديش” . لقد حصل اليمين المتطرف على كل الأسلحة العصرية الفتاكة وصرف عليها الأموال الطائلة على أمل أن يستخدمها ضد الاتحاد السوفيتي وتلاميذه ولكنه استخدمها ضد الشعب الكردي فدمر قراه ومزارعه واعتبرهم هنوداً حمر. ولقد حصل اليسار المتطرف أيضاً على صنوف الأسلحة التقليدية والكيماوية على أمل أن يستخدمها ضد الإمبريالية والصهيونية والرجعية وتحقيق العدالة الاجتماعية وضد استغلال الإنسان للإنسان ، ولكن تم استخدامها ضد الشعب الكردي واعتبروهم هنوداً حمر . هذا ما مورس ضد الشعب الكردي من قبل اليمين واليسار معاً ، وإليكم الدليل: 1- لقد أنكر اليمين المتطرف وجود الشعب الكردي واستلم زمام الدولة القومية وخطط أيديولوجيتها في معاهدة سايكس بيكو على قاعدة “سعيد من يقول أنا تركي” وقلد اليمين المتطرف العربي والفارسي: “سعيد من يقول أنا عربي” و”سعيد من يقول أنا فارسي” . ولقيت هذه القاعدة والسياسة دعماً مالياً وعسكرياً من معلمي سياسة سكين الجزار وتلاميذه ، فأعطوا الضوء الأخضر لليمين المتطرف لذبح الشعب الكردي خلال القرن العشرين. ولتبرير هذه العملية قاموا بأكبر عملية تزييف للتاريخ ولفنوا هذا التزييف وثقافته لأجيال القرن العشرين. ولقد اعتبر الأتراك الأكراد أتراكاً جبليين ، واعتبرهم العرب فروعاً من قبائل عربية سكنت الجبال ، واعتبرهم الفرس فارسيين أقحاح . لقد أنكر اليمين المتطرف الأمم الثلاثة وجود الشعب الكردي بالكامل وركبوا معاً حصان هذه الموضة . واستخدموا نفس السياسة – سـياسة سكين الجـزار – المستوردة والشاطر من يقتل ويذبح أكبر عدد ممكن من الشعب الكردي . لقد وضعوا دساتير وقوانين لشطب اسم الكردي من الوجود . منع الكردي من التكلم بلغته وممارسة عاداته وتقاليده والاحتفال بمناسبته الوطنية والتاريخية . منع وشطب كلمة الكردي في أي مجلة أو جريدة والويل لأي كاتب أو صحفي ذكر كلمة كردي . لابد أن يحال إلى المحاكم . وبالمقابل كان مطلوباً من الكردي أن يخدم في الجيش ويقاتل في سبيل الوطن ويعمل في الزراعة ، أن يدفع الضرائب ويخدم في المطاعم والفنادق وأن يكنس الشوارع وكل ما هو مطلوب من واجبات وطنية ولكن ممنوع له أن يذكر بأنه كردي . وبالرغم من كل الاختلافات الجوهرية بين اليمين المتطرف للأمم الثلاثة فقد كانوا متكاتفين متضامنين ضد الشعب الكردي . أستِر عليَّ بما أفعله بالشعب الكردي وسأستر عليك . 2- واليسار المتطرف للأمم الثلاثة لم تكن موافقة وممارسته أفضل مما فعله اليمين المتطرف وإليكم الدليل: كل مثقف مهما كانت ثقافته يعرف أن حق تقرير المصير هو أحد البنود الرئيسة للأيديولوجية الماركسية ، وأن الدفاع عن الشعوب المضطهدة هو واجب مقدس على اليسار أينما كان وفي أي بقعة من الأرض ، هذا واجب مبدئي غير خاضع للاعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية . وإنني كعضو في الحزب الشيوعي العراقي والسوري منذ عشرين سنة لم أقرأ عن حق هذا الشعب في برامجهم السياسية ، بل كان هناك إرشادات وغمغمات على لسان العصافير والجن ، تماماً كما فعل مؤلف كتاب ” كليلة ودمنة ” وعندها أدركت كم نحن بعيدون عن الحقيقة الماركسية ؟ وقدمت مداخلة في أحد مؤتمرات الحزب الذي عرف فيما بعد بـ “بيان أبو الياس” طالبت فيه بحق تقرير المصير للشعب الكردي كما هو وارد في الماركسية اللينينية التي نؤمن بها وليس على لسان العصافير والجن . وبعدها لم يمض وقت طويل حتى تم توقيفي بكتاب رسمي من الحزب لأنني ارتكبت جرماً ، ذكرت كلمة الكردي وحق تقرير المصير. وقد تبين لي من أن الأمر لا يتوقف على اليسار العربي فقط ، فمثلما اليمين متضامن ومتحالف ضد الشعب الكردي كذلك اليسار أيضاً فهو متورط في هذه اللعبة . فالبرامج السياسية لليسار التركي والفارسي هي أيضاً خالية من حق الشعب الكردي . ما هي النتائج التي حصل عليها اليمين المتطرف واليسار المتطرف والشرق أوسطي خلال القرن العشرين: لقد مضى القرن العشرين وحل القرن الحادي والعشرين ، ترى ماذا كانت نتيجة ممارسة هذه السياسة: سياسة إنكار الشعب الكردي وذبحه ؟ لنسجها للتاريخ لعلها تكون عبرة لمن يريد أن يعبث بالتاريخ وبما خلقه الله سبحانه وتعالى والمادة . نقولها كلمة لليمين المتطرف واليسار المتطرف: كل ما فعلتم وما رسمتم كان خطأ . لقد اعتبرتم الشعب الكردي فزاعة ، لقد استخدمت عقولكم لكي تبيدوا الشعب الكردي من الوجود على أنهم هنود حمر لخدمة مصالح ذاتية ومصالح استراتيجية واقتصادية لمعلمي سياسة سكين الجزار . هل حدث ما كنتم تتمنوه ؟ إليكم الأدلة: رأى التاريخ في القضية الكردية: لقد جاء جواب التاريخ لليمين المتطرف واليسار المتطرف ولسياسة سكين الجزار على لسان رئيس الجمهورية الإيرانية الإسلامية محمد خاتمي ، حيث قال “إن المسلمون مدينون للأكراد” نعم سرح بها وتناقلتها كافة الوسائل الإعلامية وسجلها التاريخ . حسناً… لقد قُلت ذلك يا سيادة الرئيس خاتمي ولو كانت ” بعد خراب البصرة ” ولكن الحكمة تقول: بأن ” الرجوع عن الخطأ فضيلة ” وهذا يعني أن رياح التغيير قد بدأت في الشرق الأوسط وأن ثقافة وفلسفة وسياسة سكين الجزار قد بدأت تنقشع من سماء شعوبنا وأن سياسة غصن الزيتون بدأت تقترب منا ، وأن الشعب الفارسي قد خطر بباله أخيراً قراءة التاريخ ، تاريخ الشعب الكردي بالذات وعلاقته وروابطه ومؤثراته في المنطقة وبالشعوب الثلاثة العربية والفارسية والتركية وما قدمه من تضحيات جسيمة للإسلام وأنهم ليسوا هنوداً حمر . لقد أراد اليمين المتطرف واليسار المتطرف من التاريخ شيئاً فأعطانا التاريخ شيئاً آخر تماماً . نحن ندخل القرن الحادي والعشرين عالم العولمة الحضارية ونحن حفاة عراة لا نملك المال ولا السلطان ولا الإرادة تهاجر شعوبنا شرقاً وغرباً وجنوباً لتبحث عن مكان آمن يأويه ولقمة عيش يسد بها رمقه بالرغم من كل الطاقات الهائلة التي تملكها أوطاننا . هل أصبح الكردي تركياً أو عربياً أو فارسياً ؟ لقد زرعتم الحقد والكراهية في عقول أبنائنا وأجيالنا والتي هي مخالفة لقيمنا الدينية والدنيوية . لا يا سادة.. لم يبدأ التاريخ الشرق أوسطي منذ بداية سايكس بيكو . إن علاقة العربي والفارسي بالكردي بدأت منذ عشرة آلاف سنة قبل الميلاد ، وبدأت علاقة الفارسي والعربي والكردي بالتركي عندما أتى من بلاده واحتضنه الإسلام مع الشعوب الثلاثة ليشكلوا معاً فيما بعد دول وإمبراطوريات دامت سبعة قرون بقيادة العربي وأربعة قرون بقيادة التركي والفارسي وقرنين بقيادة الكردي . لم يبنَ قصراً أو قلعة أو جسر إلا والكردي مشتركاً في بنائه بجانب العربي والفارسي والتركي . ولم تجرِ معركة حربية في سبيل نشر الدعوة الإسلامية هذه العقيدة التي كانت سبباً في وجودنا في هذه المنطقة إلا وكان الكردي إلى جانب العربي والفارسي والتركي يد فيها. هناك مئات بل آلاف من الأسماء اللامعة من الأكراد سواء كانوا عسكريين أو مفكرين برعوا في علوم اللغة والفقه ، في اللفة العربية والفارسية والتركية . وهل يجب أن نذكر العربي والتركي والفارسي المسلم بالقائد الكردي صلاح الدين الأيوبي الذي ولدته جبال كردستان ليلعب دوره في الدفاع عن المسلم العربي والفارسي والتركي طوال قرنين من الزمن هو وأحفاده وما زال الشعب الكردي منتشراً في مصر والأردن وفلسطين وسوريا والمغرب العربي . فهل يمكن اعتبار الأكراد هنوداً حمر يجب التعامل معهم وفق سياسة سكين الجزار المستوردة ؟ . سؤال نطحه على اليمين المتطرف واليسار المتطرف للأمم الثلاثة العربية والفارسية والتركية ليجيبوا التاريخ وينشروها للعالم أجمع. سؤال نوجهه للمثقفين الثوريين العرب والفرس والأتراك لماذا أنتم ساكتون عن الحقيقة ؟ نداء أوجهه لليمين المتطرف واليسار المتطرف معاً : اتركوا سياسة سكين جزار والعصا وأعيدوا ملفها بالكامل إلى أصحابها الشرعيين لأنها لا تلاءم تاريخنا في الشرق الأوسط . إنها سياسة غير علمية ولا يقبلها التاريخ ، لا تجلب لكم سوى الخراب والدمار لا تلحقوها ” من يلحق البومة لا تدله إلا إلى الخراب “ الشعب الكردي هو أخ وشريك لنا في الأرض والسماء والبحر ، له لغته وثقافته وتاريخه . سنعيش معاً كل واحدٍ يتكلم بلغته ويعتز بقوميته ويصنع تاريخه فوق أرضه ، لا قتل ولا ذبح ولا تدمير ، بل اعتراف متبادل بالحقوق والواجبات وأمن وسلام للجميع ، بناء وعمران وإبداع. انتهى القرن العشرين وانتهت معه شريعة الغاب وسياسة سكين الجزار ، وبدأ القرن الحادي والعشرين ومعه شريعة حقوق الإنسان وسياسة غصن الزيتون . التاريخ يضعكم أمام خيارين: 1- إما أن تلحقوا البومة فتدلكم على الخراب. 2- وإما سياسة غصن الزيتون وشريعة حقوق الإنسان ، وتعيشون مع ” دوحة الحرية ” الشرق أوسطية بأممها الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية . وإلى اللقاء في طريق الحقيقة رقم -6- |
||
حلب في9/2/2001م |
أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 31
طريق الحقيقة رقم 31 موضوع الحلقة: هل امريكا هي القطب الوحيد الغير منازع لمئة سنة قادمة. ول…