‫الرئيسية‬ طريق الحقيقة أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 12

أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 12

طريق الحقيقة رقم -12-

شعارها:  1- لا أحد يملك الحقيقة.

2- أنا أبحث عن الحقيقة.

3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.

————————————————–

  1. محمد تومة ” أبو إلياس” في سيرته التاريخية والحياة.
  2. محمد تومة ” أبو إلياس” صوت المضطهدين والمقهورين وداعية للتقدم والتطور.
  3. محمد تومة ” أبو إلياس” صوت الأخوة بين الشعوب على أساس العدل والمساواة في الحقوق – والقضية الكردية-.
  4. محمد تومة ” أبو إلياس” ثقافة التشهير والحرب المعلنة ضده والصعوبات في تأدية رسالته.
  5. كلمة ختامية للمستقبل.

—————————————————

1- محمد تومة ” أبو إلياس” في سيرته التاريخية والحياة :

الحياة مسرح كبير تتناوب الأجيال على هذا المسرح. كل إنسان له دوره على هذا المسرح بدون استثناء تاركاً بصمة على خشبة هذا المسرح مهما يكن دوره بدءاً من الراعي وحتى البروفسور في الجامعة.

الإنسان كائن حي يمر بمراحل الطفولة والشباب والنضج الجسدي والعقلي ثم ينحدر نحو الفناء. يملك قدرات ومؤهلات خلاقة في أعماقه. هذه القدرات والمؤهلات كالثروة المدفونة تحت التراب تحتاج إلى معرفة عقلية وممارسة تاريخية للكشف عنها، ولولا هذه المعرفة العلمية لما استطاعت البشرية أن تنعم بهذا التكنيك الحضاري الذي يساهم في كافة نواحي الحياة الاقتصادية والعمرانية والمواصلات والتنوير والطب. وها نحن الآن ومع بداية القرن الحادي والعشرين نعيش مع حضارة إنسانية متلألئة. ولا بد أن نقف إجلالاً أمام هؤلاء العلماء والمفكرين والفيزيائيين والكيميائيين والجيولوجيين الأحياء منهم والأموات. مهما تكن قوميتهم ودينهم ولونهم. لقد استطاعوا أن يكتشفوا بقدراتهم ومؤهلاتهم الذاتية هذه الإبداعات العلمية ولعبوا على مسرح الحياة أدوارهم الخالدة. ولكن الجانب العلمي والتكنيكي هو جانب واحد من الحياة البشرية وهام جداً ويحتاج دائماً وأبداً إلى علماء ومفكرين ليكتشفوا مؤهلاتهم وقدراتهم الذاتية وأسرار المادة باستمرار للتطور التاريخي، ولكن مسرح الحياة يبقى ناقصاً ما لم يلعب ممثلون آخرون على هذا المسرح ليكتمل المشهد وهو الجانب الروحي الإنساني بغية تحقيق العدل بين البشر.

نحن بشر ونحمل صفة الإنسان. لقد خلقنا كأجمل كائن على الأرض. على هذا الكوكب الجميل الرائع إذا لم نعرف كيف نعيش مع بعضنا البعض كبشر قد ندمر بعضنا البعض بهذه الثورة المعرفية والتكنيكية وندمر كوكبنا الجميل ونخل بقوانين الطبيعة، فلا بد إذاً ولكي يكتمل المشهد المسرحي أن يكون هناك ممثلون يمثلون دورهم على هذا المسرح.

 

آ- أبو إلياس واكتشاف الذات :

كلما كبرت جسدياً وعقلياً كنت أشعر بأن لهيباً يشتعل في داخلي ويزداد هذا اللهيب يوماً بعد يوم. كنت أشعر بأن في أعماقي شعور إنساني ثوري يزداد لهيباً كلما شاهدت مشهداً حزيناً وظالماً. لقد أحسست بأن هناك رسالة ما في أعماقي. ولكن ما هو مضمون هذه الرسالة؟ وما هي فلسفتها ؟

أسئلة كثيرة كنت أطرحها على نفسي. ومضت الأيام والسنين وأنا أسير معها بحثاً عن اكتشاف الذات.

لقد قادني التاريخ لأن ألحق بوالدي في العراق حيث كنت طفلاً وكان والدي يعمل هناك في مدينة الموصل محافظة نينوى. وهناك وعندما كبرت انتسبت للحزب الشيوعي العراقي بعد أن اطلعت على الفلسفة الماركسية اللينينية بما تيسر لي. فوجدت فيها دفاعاً عن المظلومين والمقهورين وتجاوب معها عقلي وروحي. وفجأة تغيرت نظرتي للماركسية اللينينية بسبب مشهد وحشي غير مجرى حياتي وقررت أن أحدد دوري على مسرح الحياة وأحدد مضمون رسالتي. والمشهد الذي شاهدته كان كالآتي:

لقد كان منزلنا في مدينة الموصل يشرف على سجن نينوى. لقد كنت أشاهد يومياً عشرات بل المئات من البشر يعلقون على أعواد المشانق في باحة السجن. ولدى سؤالي عن السبب يقولون إنهم أكراد. شيوعيون. انفصاليون. خونة. إلى آخره  من هذه التهم. يومها أدركت أننا نعيش في الشرق الأوسط حياة غير طبيعية وغير إنسانية ولا بد أن يأتي يوم ندفع فيه الثمن غالياً. وبعدها انتقلت إلى سوريا عام 1976مـ إلى وطني الحبيب وأنا أحمل ذكريات مؤلمة عن العراق. وعن الحزب الشيوعي العراقي. ولدى إطلاعي على برنامج الحزب الشيوعي السوري السياسي لم أجد فيه أي ذكر لاسم الكردي. ناهيك عن أية حقوق قومية ولدى مقارنتها بمبادئ الماركسية اللينينية وجدت أن هناك خرق كبير لهذه المبادئ، وعندها كشفت سر اللعبة السياسية والأيديولوجية التي يلعبها الحزب الشيوعي العراقي والسوري والتركي والفارسي. فبدأت أسأل نفسي إذا لم تكن الماركسية اللينينية مدافعة عن المظلومين والمقهورين فهي خداع وتضليل وتستر على اللعبة السياسية. فأدركت أن لا مستقبل لهذه الفلسفة. وعندها قررت أن أخوض الصراع ضد هذا الخداع والتضليل. وأخيراً وبعد نضج الظروف أطلقت صرختي بوثيقة تسربت إلى الجماهير وأطلق الجماهير عليها اسم ” بيان أبو إلياس ” في 6/3/1989مـ وكانت أول وثيقة إدانة في الشرق الأوسط ضد الأحزاب الشيوعية. واتخذ الحزب الشيوعي السوري إجراء بتوقيفي وفصلي عن الحزب.

لقد كان مضمون البيان هو الدفاع عن الشعب الكردي المظلوم والمقهور في الشرق الأوسط والذي اتخذته كمضمون لرسالتي في الحياة. ثم تابعت طريقي لأمثل دوري على مسرح الحياة واتخذت رسالة الدفاع عن الشعب الكردي كونها تمثل أكبر مأساة إنسانية. وكونه أكبر شعب في المنطقة تعرض فيه كرامة الإنسان لأبشع أنواع الحقارات وكلما اطلعت على التاريخ المشترك الذي عشناه مع بعضنا البعض العرب والأكراد خلال الفترة الإسلامية العربية السياسية لمدة سبعمائة سنة. وجدت أن الشعب الكردي كان الصديق الوفي للشعب العربي ولثقافته. لقد ساهم الشعب الكردي بالدفاع عن الشعب العربي عسكرياً وساهم في اغناء اللغة والثقافة العربية والتاريخ يشهد ويذكر أسماء مئات بل الآلاف من عباقرة الأدب من كتاب وشعراء ومفكرين عظام أغنوا اللغة العربية. لقد وجدت أن الدور الذي لعبه البطل صلاح الدين الأيوبي ابن الشعب الكردي البار للدفاع عن الأمة الإسلامية والعربية ولا يمكن لأي إنسان مهما يكن شوفينياً ومتعصباً أن يمحيه من ذاكرة التاريخ فكيف يمكن تجاهل كل هذا التاريخ الذي عشناه مع بعضنا البعض. ووضع الخطوط الحمراء والصفراء والخضراء بيننا وبين الشعب الكردي؟.

كيف يمكن أن يعلق الكردي على أعواد المشانق كونه كردياً؟ يا لها من مأساة إنسانية نعيشها. وبدأت أسأل ترى أية فلسفة عربية أو أيديولوجية سياسية تجيز هذا الظلم والقهر بحق الشعب الكردي؟ من أين تبنت الأحزاب السياسية الدينية والقومية والطبقية هذه الأيديولوجيات والفلسفات؟ ومن خطط لها؟ هذه الأيديولوجيات والفلسفات التي تجيز شنق الكردي كونه كردياً، وتحاول صهره ومنعه من أن يتكلم ويكتب بلغته ويصنع تاريخه ويبدع ثقافته. وجعله عربياً أو فارسياً أو تركياً؟

فلو فكرنا دينياً وإسلامياً والشعوب الأربعة العرب والفرس والترك والكرد إسلاميون فكتاب القرآن الكريم الذي هو دستورنا، تقول الآية الكريمة: ” إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ” نعم لتعارفوا لا لتشنقوا بعضكم البعض.

أما إذا فكرنا ماركسياً لينياً. فحق تقرير المصير هو العمود الفقري للماركسية اللينينية، وإن كل الفلسفة الماركسية اللينينية قائمة على الدفاع عن المظلومين والمقهورين. لا للدفاع عن الظالمين. ولا أعتقد أن هناك شعب مظلوم ومقهور كالشعب الكردي.

فلو فكرنا قومياً : ترى هل رسالة القومية العربية والتركية والفارسية الخالدة والإنسانية هي محو قومية الآخرين؟ وهل يمكن تحقيق هذه الرسالة الخالدة في عالم اليوم، عصر تشكل الدول القومية على سطح هذا الكوكب؟ هل يمكن أن تكون هذه الرسالة الخالدة ذات مضمون عنصري وشوفيني وتنكر حق الآخرين في الحياة؟

أليس العيش في الشرق الأوسط بأممه الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية ضمن حقوق إنسانية متساوية والاحترام المتبادل وليس على أساس سيد وعبد وعلى أساس تكتل اقتصادي، ذو سوق اقتصادي مشترك. وعلى أساس نظام سياسي متوافق مع هذا العيش المشترك بحقوق متساوية. وتفاعل ثقافي لإبداع حضارة تنفع الأمم الأربعة والإنسانية جمعاء. بدلاً من طرح أيديولوجيات عنصرية وشوفينية طوباوية عن طريق شعارات التي لا يمكن تحقيقها وتكون نتيجتها الحروب القومية والأهلية والطبقية التي تضعف الكل. ثم تأتي قوة خارجية لتلعب بالكل.

من أجل ذلك طرحت ضمن رسالتي أفكاري في (( دوحة الحرية )) ثم تابعت شرح أفكاري في مسلسل حلقات طريق الحقيقة والتي بلغت حتى الآن إحدى عشر حلقة وها هي الثانية عشر.

2- محمد تومة ” أبو إلياس” صوت المضطهدين والمقهورين وداعية للتقدم والتطور :

كم يحز في نفسي وأشعر بالمرارة بعد خمسون سنة من الاستقلال ونحن في سلم التطور الحضاري لا زلنا في نقطة الصفر. لقد بينت في مسلسل طريق الحقيقة ونتيجة لقراءتي للتاريخ. بأن التاريخ قد تغير. لقد تغير وانتقل بالمجتمعات من الإنتاج الطبيعي إلى مجتمعات الإنتاج الصناعي. فلو تفحصنا وضعنا الاقتصادي والتكنيكي. لوجدنا بأننا لا زلنا نستورد التكنيك بنسبة مائة بالمائة من الخارج بدءاً من المسمار وحتى الطائرة. إن تكنيك الانتاج للمجتمع الصناعي بات ضرورة تاريخية لا يمكن أن نعيش بدونها. إن شعوبنا تتكاثر وستزداد المشكلة يوماً بعد يوم مع هذا التكنيك الذي يساهم في عملية الانتاج. لتوفير المتطلبات الحيوية للإنسان من المأكل والملبس والمسكن والحاجيات المنزلية. إن إنتاجنا الطبيعي من حنطة وشعير لا يمكن أن تلبي تأمين هذا التكنيك. لقد ركبنا على الحمار بالمقلوب. لم نفهم من التخطيط الاستراتيجي التنموي سوى تعزيز العامل السياسي. لقد كرست كل طاقة الشعب والأمة لتعزيز العامل السياسي وأنشأنا أجهزة أمنية طفيلية ومؤسسات ضخمة لتعزيز هذا العامل وكرسناهم لتحقيق شعارات طوباوية لا يمكن أن يقبلها التاريخ وعالم اليوم. ونتيجة لهذه الممارسات الخاطئة تجمد عقل إنساننا. لقد قلت مراراً وتكراراً إن الفرق بين إنتاج المجتمع الطبيعي وإنتاج المجتمع الصناعي وقلت بأن إنتاج المجتمع الطبيعي يعتمد على قوة العضلات. أما إنتاج المجتمع الصناعي فيعتمد على العقل الإبداعي. وقلت لم تعد قوة الشعوب تقاس بكبر المساحة الجغرافية ولا بتعداد السكان ولا بكثرة أجهزتها الأمنية. بل تقاس قوة الشعوب بعدد علمائها الفيزيائيين والكيمائيين والجيولوجيين والمهندسين والإلكترون…إلخ وبكثرة جامعاتها التي تخرج جيل المعرفة. وبناء مراكز الأبحاث العلمية. وليس بكثرة بناء السجون والمعتقلات.

نحن نحتاج للحرية التي هي أم الإبداع. وليس لخنق الحرية وخنق التعبير. نبحث عن الحقيقة لبناء أهدافنا الاستراتيجية وممارسة التكتيك عليها. لأن بناء الإنسان والمجتمع والتطور الاقتصادي والثقافي على الحقيقة يدوم. وإن عكس ذلك زائل ويدخل المجتمع في حالة أزمة ولا يمكن الخروج منها إلا بفقدان الإرادة الوطنية وحرية المواطن معاً.

أنني أحلم كأي مواطن في الشرق الأوسط بأن تكون حياتنا الإنسانية مبنية على العدل والسلام والأمن والتقدم. وتصبح أوطاننا عامرة بناطحات سحاب. وأن نبدع بعقولنا ونقدم التكنيك الحضاري للبشرية بدلاً من الهجرة والإرهاب والتعصب القومي والديني والحروب الأهلية والقومية والمذهبية والطائفية.

3- محمد تومة ” أبو إلياس” صوت الأخوة والمحبة بين الشعوب. والقضية الكردية :

لقد قلت في رسالتي بدءاً من بيان أبو إلياس ” ودوحة الحرية “. وحلقات مسلسل طريق الحقيقة.

إننا أمم أربعة نسكن في الشرق الأوسط العربية والفارسية والتركية والكردية تجمعنا ثقافة واحدة ودين واحد وتاريخ مشترك ومياه مشتركة واقتصاد مشترك. والشرق الأوسط فيه كل المقومات لانطلاقة حضارية. ولا يحتاج الأمر سوى إلى اتحاد وشكل من التعايش السياسي ضمن حقوق سياسية وفق سياسة غصن الزيتون وشريعة حقوق الإنسان. ولكننا نواجه دائماً في تحقيق هذه الضرورة التاريخية. بأيديولوجيات وسياسات مبنية على سياسة الإنكار والإبادة للشعب الكردي ومحوه من الوجود. وكل السياسات والأيديولوجيات التي مورست خلال القرن العشرين سواء من قبل العربي أو الفارسي أو التركي تجاه الشعب الكردي كانت مبنية على هذا الأساس سواء أكانت دينية أو دنيوية. هذه الرسالة الخالدة ومضمونها محو الشعب الكردي من الوجود. هذه الرسالة الخالدة التي طبل لها وزمروا المثقفون الانتهازيون والتي لم تكن مبنية على قراءة التاريخ أدت بنا إلى الهاوية.

وها نحن في القرن الحادي والعشرين والأخطار تهددنا من كل الجهات. هذه السياسات والأيديولوجيات لم تؤمن لنا لا الأمن ولا السلام بين شعوب المنطقة ولا الأمن والسلام الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد. مازالت ثقافة الحقد والكراهية سائدة بين مذاهبنا وطوائفنا وأحزابنا وكل واحد يريد فناء الآخر.

التاريخ تقدم إلى الأمام. ونحن نسير إلى الخلف وكأننا لا نعيش في هذا العالم. وفي هذا الكوكب الذي يسمى الأرض. كل واحد منا يعتبر ما يقوله ويفهمه هي الحقيقة المطلقة. والآخرين المخالفين لحقيقته المطلقة. خونة وكفار وملحدين وعملاء للإمبريالية والصهيونية يجب قتلهم وسحق حريتهم في التعبير.

4- محمد تومة “أبو إلياس” وثقافة التشهير والحرب المعلنة ضده والصعوبات التي تجابهه في تأدية رسالته:

لقد أدركت من قراءة التاريخ ومن الثقافة التي أبدعتها البشرية، قيمة مفهوم واحد هام وخطير. وجدت فيه كل مآسينا التي نعاني منها، وهو مفهوم الحقيقة. ولذا وضعت هذا المفهوم عنواناً لرسالتي بأكملها. وأخذت كل آرائي التاريخية والفلسفية والثقافية منها. ولكي لا أقع في نفس الخطأ واعتبر آرائي وفلسفتي في خانة الحقيقة المطلقة. وضعت ثلاث شعارات بكل ثقافتها لطريق الحقيقة وهم:

  1. لا أحد يملك الحقيقة.
  2. أنا أبحث عن الحقيقة.
  3. أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.

ومنذ البداية أخضعت نفسي للبند الأول. لم أدعي بأن ما أطرحه من أفكار هي الحقيقة المطلقة، ومن حق أي إنسان آخر أن يرفضها أو يقبلها.

وإني أحترم كل رأي آخر مخالف لرأيي كحق إنساني مقدس لا يجوز المساس به. لقد وضعت هدفاً في مضمون رسالتي. الحياة الإنسانية الكريمة للعربي والفارسي والتركي والكردي. والمنهج الحقيقي لتأدية رسالتي طريق الحقيقة هو الحوار، وليس العنف والعنف المضاد. لا عدو لي ولا صديق سوى الحقيقة. ولكل إنسان مهما تكن آراءه الحق المقدس في التعبير.

ومن المفارقات التاريخية العجيبة التي جابهتني في تأدية رسالتي جاءتني من مصدرين :

  1. المصدر الرسمي.
  2. المصدر الشعبي العربي والكردي.

آ- المصدر الرسمي :

لقد تعرضت لفترات طويلة للمراقبة والبحث والسؤال من قبل الجهاز الأمني الرسمي. لقد تصور الجهاز الأمني الرسمي وكالعادة إنني لست سوى جاسوس أو عميل مأجور ربما مدفوع من قوى خارجية أو غبي مختل العقل. لقد لاحظت أن هناك شك في عاطفتي الوطنية والقومية. ولكنني تابعت في طرح آرائي وقراءاتي للتاريخ وتـنبؤاتي للمستقبل. والتي جاءت فيما بعد صادقة ودقيقة في حدوث الأحداث. لقد تنبأت بحدوث هذه الأحداث، دمجت تحذيراتي وتنبؤاتي في مفهوم واحد وقلت أن (( طوفان نوح جديد سيحدث في المنطقة )) في الشرق الأوسط نتيجة للظلم والقهر والتخلف الحضاري الذي نتج عن الممارسات السياسية والثقافية والأيديولوجية الخاطئة خلال القرن العشرين. إن حبي لوطني ولقوميتي دفعني لأن أحمل هذه الرسالة ضد المخاطر المحتملة. ولكن دفاعي لم يكن مبنياً على العاطفة والأيديولوجيات الطوباوية ولا على التعصب القومي والديني. بل على القراءة الدقيقة للتاريخ المتغير على الدوام والسائر إلى الأمام ومن خلال تعمقي في قراءة التاريخ والاطلاع على الممارسات السياسية والثقافية والأيديولوجيات المطروحة أدركت أن المنطقة تتجه نحو طوفان نوح جديد نحو محرقة لا ينجو منها أحد وطالبت بالتغيير السياسي والاقتصادي والثقافي والأيديولوجي. وتحقيق العدل والمساواة بين شعوب المنطقة كي نسد الباب أمام التدخلات الخارجية. ولنعش مع بعضنا البعض الشعوب الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية في الشرق الأوسط بأمان وسلام. ونتفرغ لرسم استراتيجيات بعيدة وطرح برامج تنموية حضارية لننفع أنفسنا وننفع البشرية بأكملها بإبداعاتنا العلمية. بدلاً من أن تكون أوطاننا مستودعاً لخلق التناحر والهجرة وتصدير الإرهاب. ولكن يبدو أن كل نداءاتي ورسائلي التي نشرتها في طريق الحقيقة لم تلق آذاناً صاغية. وأصر السياسيون والمثقفون على متابعة التعامل مع التاريخ بعقلية القرن العشرين. مفضلين مصالحهم الطبقية ومنافعهم التي حصلوا عليها والمخفية وراء شعارات وعواطف قومية ودينية وطبقية على أمن وسلامة وتقدم شعوبنا. وها هي الكارثة قد وقعت إن الحالة الفوضوية والفلتان الأمني الذي نراه اليوم في العراق والنار التي اشتعلت تحصد أرواح الألوف من البشر ولا أعتقد أن أحداً عنده ذرة من الضمير الحي يتمنى أن يمتد هذا اللهيب إلى الأماكن الأخرى.

بـ- المفارقة الأخرى والصعوبات والتشهير التي جابهتني من الطرف الشعبي العربي والكردي :

1ً- الجانب الشعبي العربي: لقد تمت محاربتي بشكل لم يسبق له مثيل من قبل الحزب الشيوعي السوري والاحتجاجات التي وردت من الحزب الشيوعي العراقي. لقد نسوا محاربة البرجوازية والإمبريالية والرأسمالية والرجعية واعتبروني العدو رقم واحد. كانوا يملكون أحزاب وتنظيمات وجماهير كبيرة استخدموا كل ذلك بالتشهير بأبي إلياس. ولكن كانت هناك نقطة ضعف فيهم. ونقطة ضعفهم تكمن بعدم قول الحقيقة للجماهير. فعندما عرفت الجماهير الحقيقة من مسلسل طريق الحقيقة، انصرفت عنهم ولم تكتفي الجماهير بالانصراف عنهم بل بدأت تحاسبهم. وتناثرت هذه الأحزاب بكل مؤسساتها أمام ضغط الجماهير بعد أن عرفت الحقيقة.

2ً- الجانب الشعبي الكردي: والمفارقة العجيبة الثانية التي جابهتني جاءت من الطرف الشعبي الكردي. وبالرغم من أنني اتخذت موقف الدفاع عن الشعب الكردي وعن حقه في الحياة الإنسانية الكريمة على قدم المساواة مع الشعوب الأخرى العربية والفارسية والتركية. وضد سياسة الإنكار والإمحاء والإبادة. في كل رسائلي بدءاً من بيان أبو إلياس ودوحة الحرية وحلقات طريق الحقيقة تعرضت لتشهير كبير من قبل الأحزاب الكردية دون استثناء. لقد كانوا يخدعون الجماهير الكردية بقولهم عن أبي إلياس. (( إنه عميل وجاسوس مدفوع من قبل المخابرات )) وإلى ما هنالك من ثقافة التشهير. ومع الأيام بقيت مصراً على قول الحقيقة وحدث نفس الشيء للأحزاب الكردية وانصرفت الجماهير الكردية عن الأحزاب.

لقد أثبت لي التاريخ حقيقة واحدة. وهي أن الجماهير العربية والكردية قد وصلت إلى درجة من الوعي لا يمكن التلاعب به مطلقاً. والحقيقة الثانية أن كلمة الحقيقة هي أقوى سلاح في الوجود. أقوى من كل الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية. إن سلاح الحقيقة سلاح بناء وليس مدمر. نأمل من سياسيينا ومثقفينا ومفكرينا أن يدركوا هذه الحقيقة.

إن التاريخ مع بداية القرن الحادي والعشرين يتقدم بسرعة كبيرة فإذا لم نبني إنساننا ونمارس نشاطنا السياسي والثقافي والإقتصادي على أساس الحقيقة سوف نجر على أنفسنا الكوارث ولا يرحمنا التاريخ.

5- كلمة ختامية للمستقبل لا بد منها:

أخي العربي والفارسي والتركي والكردي. سواء أكنت في السلطة أو المعارضة لا فرق في نظرة أبي إلياس إليكم. إن أوطاننا في خطر وإن السلاح الوحيد الذي يخلصنا من الهلاك هو سلاح الحقيقة. إن قوتنا تكمن في شعوبنا. وقوة شعوبنا تكمن في معرفة الحقيقة. إن كل الممارسات السياسية والأيديولوجية والثقافية المبنية على التعصب القومي والديني أو الطبقي للقرن العشرين قد انتهت ولم يعد يقبلها القرن الحادي والعشرين.

أما الذين ما زالوا يمارسون نشاطهم السياسي والثقافي سواء أكانوا رسميين أو معارضين بغية الحفاظ على مصالحهم الطبقية سيجرون علينا الويلات والحروب والدمار.

إن كل سياساتنا وأهدافنا الاستراتيجية وأيديولوجياتنا القديمة بحاجة إلى تغيير جذري.

ولا بد أن يكون هدفنا تحقيق العدل والعيش المشترك على أساس العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين شعوبنا الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية.

إن حذف الشعب الكردي من المعادلة الشرق أوسطية وفق أيديولوجيات طوباوية خرافية سراب ووهم لا يمكن تحقيقه. وإن الركض وراء هذا الوهم والسراب أمر خطير.

ندائي الأخير هو أن نتعظ من التاريخ ولا نركب الحمار بالمقلوب.

إن مضمون رسالتي لمن يريد أن يعرف أبو إلياس في هذا العالم هو الآتي:

الدفاع عن الظلومين والمقهورين في الشرق الأوسط للعربي والفارسي والتركي والكردي.

الدفاع عن الذين وبعد مرور قرن كامل من الاستقلال لا يملكون ثمن رغيف الخبز ليطعموا أولادهم.

والصوت المعبر عن الحقيقة مهما يكن الثمن. ولو حاول كل سلاطين المال أن يقدموا لي كل مالهم فلن أقبله.

ولو حاول كل طغات الأرض أن يهددوني بالتخلي عن قول الحقيقة لن أرضخ لذلك.

إنني إنسان فقير وأعاني كل يوم من شطف العيش مع الملايين من أبناء أمتي العربية وأخواني الفرس والترك والكرد.

إن سعادتي تكمن في حب هؤلاء الناس المظلومين والمقهورين الذين لا يملكون ثمن رغيف الخبز.

إن سعادتي لا تكمن في الركض وراء اقتناء المال والجاه والكرسي عن طريق الكسب الغير مشروع.

فإما الحياة الإنسانية الكريمة للكل. والعيش معاً حياة أفضل على أساس العدل والكسب المشروع. وإما الموت معاً.

 

وإلى اللقاء في الحلقة رقم – 13-

حلب في    محمد تومة

13/3/2004مـ    أبو إلياس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 31

طريق الحقيقة رقم 31 موضوع الحلقة: هل امريكا هي القطب الوحيد الغير منازع لمئة سنة قادمة. ول…