‫الرئيسية‬ طريق الحقيقة أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 32

أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 32

طريق الحقيقة رقم 32

وموضوعها ( السردية هي القصة المحكية)
السردية (Narrative) هي مصطلح يُستخدم للإشارة إلى الطريقة التي تُروى بها قصة أو تصور معين للواقع، سواء في الأدب أو الإعلام أو السياسة أو الفكر.
🔹 المعنى اللغوي:
“السردية” مشتقة من الفعل “سرد”، أي روى الأحداث بترتيب متسلسل.
🔹 المعنى الاصطلاحي:
السردية ليست مجرد قصة، بل هي الإطار الذي تُقدَّم فيه القصة، والمعاني التي تُستخرج منها، والرسائل التي تُمرَّر من خلالها.
✳️ أمثلة لفهم المعنى:
•عندما نقول: “السردية الغربية عن العالم العربي”
→ نقصد الصورة التي تروّجها وسائل الإعلام أو المثقفون في الغرب عن العرب، كيف يرونهم، ما صفاتهم، ما مشكلاتهم… إلخ.
•أو مثلاً: “السردية الكردية عن تاريخ سورية”
→ أي كيف يروي بعض الكرد التاريخ السوري من منظورهم، ما يعتبرونه مهمًا، وما يُسلّطون عليه الضوء.
•وفي السياسة: “السردية الرسمية للدولة”
→ أي كيف تروي الدولة تاريخها، ونظامها، وشرعيتها، وتشرح للناس من نحن ولماذا نحن هكذا. …؟
يعني اذا صار حادث سيارة وشخص انضرب والشوفير هرب
ففيني اقلك كيف الناس تهافتو وساعدوا الزلمة واغض نظر عن الباقي اعطيك صورة ايجابية
او فيني اقلك كيف الشوفير هرب والشرطة لحقته وما عرفت تجيبه واخليك تسب الحكومة
والاتنين صح……..
واليك أمثلة واقعية من السرديات المتصارعة في سورية، وهي توضح كيف تختلف رواية الأحداث والوقائع بحسب الانتماء السياسي أو القومي أو الطائفي، رغم أن الجميع يتحدث عن نفس “الحدث”. هذا يوضح كيف أن “السردية” ليست مجرد قصة، بل موقف، وهوية، ومشروع.
1. السردية الرسمية للدولة السورية (قبل الثورة)
سورية دولة مقاومة، موحدة، تقود خطًا قوميًا عربيًا، تحكمها قيادة مركزية تحمي الاستقرار وتحارب التطرف.
ما حدث بعد 2011 هو “مؤامرة كونية” لتفكيك سورية بسبب موقفها من إسرائيل وأمريكا.
🔸 الهدف من هذه السردية: شرعنة بقاء النظام وتحشيد الدعم ضد المعارضة.
2. السردية الثورية (المعارضة السلمية):
ما حدث في 2011 هو ثورة شعبية سلمية خرجت ضد القمع والفساد والاستبداد، طالبت بالحرية والكرامة، لكن النظام واجهها بالقوة العسكرية.
🔸 الهدف من هذه السردية: إظهار أن الثورة كانت مطلبًا شعبيًا عامًا قبل أن تُختطف من أطراف أخرى.
3. السردية الإسلامية الجهادية:
الثورة السورية هي جهاد في سبيل الله لإسقاط نظام علوي كافر، وإقامة حكم إسلامي على منهاج النبوة.
التقسيم بين فصائل معتدلة وغير معتدلة هو خيانة للثورة.
🔸 الهدف من هذه السردية: تأطير الصراع دينيًا وتجنيد المقاتلين عقائديًا.
4. السردية الكردية (اليسارية):
الثورة السورية كشفت فشل الدولة المركزية، وهي فرصة تاريخية لتحقيق الحقوق القومية الكردية، لذا أقمنا حكمًا ذاتيًا ديمقراطيًا في “روج آفا” يقوم على المساواة بين الشعوب والأجناس.
🔸 الهدف: شرعنة الفيدرالية، وطرح مشروع بديل للدولة القومية العربية.
5. السردية الطائفية (غير المعلنة لكن المؤثرة):
بعض الطوائف شعرت أن الثورة تستهدف وجودها أو أنها ستجلب حكمًا إسلاميًا سنّيًا متشددًا، فاختارت الوقوف مع النظام أو الحياد.
🔸 الهدف: حماية الذات من مستقبل غامض، لا الثقة في النظام بحد ذاته.
🔚 خلاصة:
الصراع في سورية ليس فقط عسكريًا أو سياسيًا، بل هو صراع سرديات أيضًا:
كل طرف يحاول رواية ما حدث بطريقة تدعم رؤيته، وتبرر سلوكه، وتكسبه شرعية.
وهنا تأتي أهمية أن تبني سردية وطنية متماسكة، تعترف بتعدد المكونات ولكن تحت سقف دولة واحدة، تحفظ الهوية الثقافية الجامعة، وتراعي الجميع دون أن ترتهن لأوهام الفيدراليات أو الأيديولوجيات العابرة.
————————————
سورية اكتر الدول تنوعا
سورية من أكثر الدول تنوعًا في المشرق العربي، وقد مرّت على أرضها حضارات وأعراق كثيرة: سريان، آشوريون، كلدان، أرمن، عرب، أكراد، شركس، وغيرهم.
لكن عند الحديث عن “الهوية السورية” يجب التمييز بين التكوين التاريخي والهوية الثقافية الراهنة. فليس كل ما وُجد في الماضي يمكن اعتباره أصلًا للواقع المعاصر. الأصل يُقاس بما بقي واستمر وأصبح يشكل الغالبية في اللسان والسلوك والثقافة.
واليوم، الهوية السورية هي هوية عربية، لا لأن هذا يلغي المكونات الأخرى، بل لأنها تشكّلت هكذا بحكم الغالبية السكانية، واللغة الرسمية، والثقافة الشائعة، والعلاقات السياسية والاقتصادية المحيطة.
في خضم المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمر بها سورية، لا بد أن نكون واقعيين: داعمو استقرار سورية حاليًا هم الدول العربية، وتركيا، ومن خلفهم دعم دولي محدود، أبرز تمثلاته أمريكية. هذا الواقع يُحتّم علينا التصرّف بحكمة سياسية ووعي باللحظة، لا بعاطفة إثنية أو طموحات غير قابلة للتحقق.
بعض الأصوات الكردية تطالب بفيدرالية، أو تعترض على تسمية “الجمهورية العربية السورية”، رغم أن هذه التسمية لا تنفي وجودهم، بل الدستور السوري المعاصر – حتى بمقترحاته المعدلة – يضمن الحقوق الثقافية واللغوية لجميع المكونات.
إن فكرة الفيدرالية في حد ذاتها ليست عملية في سورية، ليس فقط لأسباب داخلية، بل لعدم وجود قوة كردية إقليمية أو اقتصادية أو ثقافية ضاغطة يمكن الاتكاء عليها. أين هي الدولة الكردية الداعمة؟ أين رجال الأعمال الكرد الذين يمكن أن يفتحوا بوابات استثمار؟ أين المنتج الثقافي الكردي الذي يتجاوز حدود اللغة والمجتمع المحلي ليصل إلى الإقليم أو العالم؟
لا أحد يقلل من شأن أحد، لكن الواقع يقول إن المكوّن الكردي لم يقدّم حتى الآن خطابًا فنيًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا يُقنع الآخرين بالتحول نحو رؤيته. لا يمكن أن نبني نظام دولة جديد على أمنيات معزولة أو ردود أفعال.
الهوية السورية لا تُختصر بالعرب فقط، لكنها اليوم “عربية” من حيث اللسان والثقافة والمحيط والدعم السياسي. أي مساس بهذا التوازن اليوم قد يؤدي إلى زعزعة دعم العرب لبلد أنهكته الحروب. فهل المطلوب أن نخسر الجميع لنرضي تصورات لا تحمل معها أي ضمان مستقبلي؟
باختصار، سورية عربية الهوية، متعددة المكونات، ومنفتحة على الجميع ضمن وحدة الدولة. الاعتراف بالحقوق لا يعني تفكيك الوطن، والهوية الجامعة لا تتناقض مع التنوع، لكنها تتطلب إدراك الواقع وتوازن اللحظة.
وبما انني اؤمن بالحرية وبشعاراتها الثلات
1- لا احد يملك الحقيقة .
٢- انا أبحت عن الحقيقة .
٣- انا املك جزء من الحقيقة ومن حقي أن اعبر عنها
ارجو من له رأي فليتفضل
محمد تومه ابو الياس
حلب في ٣٠ / ٥/ ٢٠٢٥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 34

طريق الحقيقة رقم 34 الفيدرالية: هل تُشتق من الداخل أم تُبنى من الخارج؟ وخطورتها في الوضع ا…