‫الرئيسية‬ طريق الحقيقة أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 22

أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 22

طريق الحقيقة رقم -22-

1- شعارها الثقافي الإستراتيجي: 

    1- لا أحد يملك الحقيقة.

    2- أنا أبحث عن الحقيقة.

    3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.

2- شعارها السياسي التكتيكي:    الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي، والحرية للكردي.

3- أيديولوجيتها:    سياسة غصن الزيتون، وفلسفة حقوق الإنسان.

4- شعارها الاقتصادي الإستراتيجي:    مجتمع الإبداع والرخاء والعدل.

– – – – – – – – – – – – – – – – – – –

عنوان الحلقة.. (( مؤتمر أنابوليس ))

– – – – – – – – – – – – – – – – – – –

من طريق الحقيقة إلى من يهمه الأمر في الشرق الأوسط:

إن مؤتمر أنابوليس هو محطة لاستراحة المحاربين الذين تعبوا من الحرب.

هناك طريقان أمام هؤلاء المحاربين:

  1. طريق الأمن والسلام لمنطقة الشرق الأوسط. ويتبع هذا الأمن والسلام والازدهار الاقتصادي، كي تنعم شعوب المنطقة بالرخاء ثم يتبعها قيام نظم سياسية ديمقراطية تحافظ على كرامة الإنسان التي حرم منها.
  2. وإما طريق الحرب والدمار وتتبعها كوارث مرعبة. قد تزال مدن بأكملها بسكانها وعمرانها من الوجود. ويرافقها فوضى أمنية ويكون الباب مفتوحاً أمام الإرهاب الإقليمي والدولي يصيب كل القارات.

هناك وفي هذا المؤتمر سيكون الصراع شديداً بين فئتين من الشرق الأوسط:

  1. فئة ترتبط مصلحتها بالطريق الأول. أي الأمن والسلام وهذه الفئة تضم كافة أبناء شعوب المنطقة، العربية والفارسية والتركية والكردية. وجميع الأقليات المتعايشة مع بعضها.
  2. والفئة الثانية هي الفئة السياسية الحاكمة التي ترتبط مصلحتها بالطريق الثاني وهو طريق الحرب. وهي التي عاشت ولا زالت تعيش على الاصطياد في الماء العكر. لقد جمعت ثروات هائلة من هذا الوضع المعاش في الشرق الأوسط. وإن مصلحتها ومصلحة ثرواتها تقتضي لاستمرار هذا الوضع. غير مبالية بما تعانيه الجماهير الكادحة الهائلة من سكان شعوب المنطقة.

ولأجل إفشال هذا المؤتمر ستحاول المستحيل لعدم نجاحه. إن شعوب المنطقة التي تعيش أتعس حياتها ويبحث الملايين من أبنائها عن لقمة عيشهم بين أكياس القمامة والملايين منهم يهاجرون إلى أصقاع الدنيا بحثاً عن فرصة عمل شريفة كي يحصلوا على المال لتأمين لقمة عيشهم بكرامة.

إن هذه الشعوب قد سئمت من هذا الوضع وأصابها الملل من ترديد الشعارات والخطب الطنانة والعنتريات الجوفاء والوعود الكاذبة.

تنقسم الفئة الثانية الحاكمة في المنطقة إلى قسمين:

  1. فئة تريد السلام والأمن وظهرت لديها صحوة الضمير. وبدأت تتألم على ما تعانيها الشعوب من مرارة العيش التي هم تسببوا بها. وفي داخلهم صراع ضميري ونفسي وهم يبحثون عن مفتاح للحل.
  2. أما الفئة الثانية فهي ماضية إلى مصيرها المحتوم حيث لا تهمها لا معاناة شعوبها ولا حريتهم ولا كرامتهم الإنسانية.

إن هذه الفئة لها أحلام إمبراطورية، وترى نفسها مرشحة لأن تكون لها الكلمة العليا في الشرق الأوسط. وهي ترى أن ما ينافسها في تحقيق تلك الأحلام هو التدخل الأمريكي ونفوذها في الشرق الأوسط.

إن هذه الفئة تحلم بالمجد الشخصي تحت راية العزة والمجد القومي. والشوفينية القومية.

ولما كانت أمريكا هي الداعية لهذا المؤتمر، لهذا فهي لا تريد أن تكسب أمريكا نصراً معنوياً ودعائياً.

إن هذه الفئة ستحاول المستحيل أن يبقى الوضع المعاش كما هو. وتبقى الورقة الفلسطينية كقميص عثمان في يدها. تذرف دموع التماسيح عليها، ولكن في الحقيقة يكمن وراء هذه الدموع حلمها الإمبراطوري ومجدها الشخصي باسم القومية تارة وباسم الدين تارة أخرى.

إن أي مُخطط عسكري ذو عقل يدرك بأن ليس بمقدور هذه الفئة أن تحقق هذه الأحلام الكبيرة بالقوة العسكرية التي تملكها ولا بقوة اقتصادها ولا يمكن أن يكون اقتصادها اقتصاد حرب. إن السلاح الوحيد في يدها هو دعم الإرهاب بالمال والسلاح والمتفجرات. إن كل عاقل في الدنيا يدرك بأن الإرهاب لا يحل أية مشكلة ولا يستطيع أن يحقق أية أحلام. وهناك سلاح ثان تملكه هذه الفئة هو المال، وهذا المال ستقدمه لكل من يساعدها على بقائها في السلطة بالرشوة.

إن كل التجارب التاريخية قد علمتنا أن هذه الفئة أينما ظهرت كانت نتيجتها إما الانتحار أو وضع حبل المشنقة حول عنقها تماماً كما كانت نهاية صدام حسين وهتلر وموسيليني وشاوسيسكو.

أما الفئة الأولى صاحبة صحوة الضمير والباحثة عن مفتاح الحل ولو جاءت متأخرة فهي سائرة في الطريق الصحيح والأسلم.

وقبل أن نقدم رؤيتنا لهذا الحدث التاريخي الهام (مؤتمر أنابوليس) نقدم قراءَتنا للتاريخ كما نقرأه في طريق الحقيقة.

إن إحساسنا يقول أن أمريكا جادة في هذه المرة في حل المشكلة الفلسطينية وما حولها. لقد نضجت التفاحة وحان وقت قطافها.

إن هذا الحشد الكبير من الدول والهيئات الدولية تدل أن في نية أمريكا حلاً للمشكلة ولا ننسى الوعد الذي أعلنه جورج بوش الإبن عندما استلم السلطة بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. حيث جاء حل القضية الفلسطينية في الاستراتيجية الجديدة للسياسة الخارجية الأمريكية وذلك للأسباب التالية:

إن القضية الفلسطينية أصبحت من بقايا الاستراتيجية الأمريكية القديمة وباتت تشكل عالة عليها فلا بد من التخلص منها. حيث تم رسم سياسة استراتيجية جديدة للشرق الأوسط التي باتت تأخذ كل اهتماماتها.

إن التركيز الاستراتيجي للسياسة الخارجية الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط قد انتقل من فلسطين إلى كردستان.

إن هذا التركيز يحتاج إلى حلفاء وأصدقاء جدد. ولهذا سينقلب الصديق القديم إلى عدو والعدو القديم إلى صديق. حيث ليس هناك في السياسة صديق دائم أو عدو دائم.

إن الصديق القديم الذي تحول إلى عدو حيث كان لا يرد له طلب في السابق سترفض كل طلباته ولن يأخذ سوى الوعود، أما الفعل سيكون من نصيب العدو القديم الذي بات صديقاً ولا يرد له طلب. والذي أصبح هو المفتاح للتعامل مع الاستراتيجية الجديدة للسياسة الخارجية الأمريكية. وقد أصبح الأصدقاء والأعداء معروفين لدى أمريكا.

إن الأصدقاء القدماء سواء أكانوا في الجنوب أو الشمال أصبحوا عالة على أمريكا، وإن أمريكا ستتخلص منهم واحداً بعد الآخر.

إن الاستراتيجية الجديدة غير معلنة ولكن الخطوات العملية تنفذ على أرض الواقع. إن أي حاكم في الشرق الأوسط يريد الاستمرار والبقاء في السلطة وحلاً لمشاكل شعوبهم وبغية معرفة المفتاح، نرجو الاطلاع على طريق الحقيقة رقم /20/ والتي اتخذت عنوان المفتاح.

إن الورقة الكردية تحولت من ورقة ضغط تم التلاعب بها خلال القرن العشرين بين القوميات الشوفينية الثلاث العربية والفارسية والتركية إلى قضية قومية وقضية شعب. ودخلت حيز التنفيذ حيث ستأخذ مكانها بين الأمم الثلاث العربية والفارسية والتركية كقومية رابعة، وليس هذا فقط، بل ستكون حاملة لرسالة ذات فلسفة جديدة ونشر الثقافة الديمقراطية، والقيم الإنسانية الرفيعة التي ضحت من أجلها شعوب العالم تضحيات كبيرة.

لقد فشلت القوميات الثلاث العربية والفارسية والتركية في حمل تلك الرسالة طوال القرن العشرين بأكمله، فلم تحظَ المنطقة سوى بنظم استبدادية وديكتاتورية دب فيها الفساد. والتيار الديني اتخذ من أسلوب الإرهاب منهجاً له مما زاد في مشاكل الشرق الأوسط تعقيداً.

والآن لقد جاء دور الشعب الكردي. وقد تنبأنا في ((واحة الحرية)) وقلنا من أن القضية الكردية ستلعب دور التناقض الرئيسي في الشرق الأوسط، وسيجر كل شعوب المنطقة إلى النظم والثقافة الديمقراطية.

ترى هل ما نقوله له أدلة موضوعية ومادية ملموسة.. هناك أدلة كثيرة قد بيناها في طريق الحقيقة رقم /20/ .

ولا بد هنا أن نورد مثالاً واحداً ونترك التحليل لمراقبي الأحداث:

لقد استبشرت الشوفينية القومية الفارسية والتركية والعربية وفرحت كثيراً عندما حشدت الشوفينية القومية التركية مائة ألف جندي لغزو العراق واجتياح إقليم كردستان العراق. لقد بدا إقليم كردستان يبرز يوماً بعد يوم. وبدأ يدخل في اللعبة السياسية. إن هذا الغزو من قبل الشوفينية التركية كان هدفه محو هذا الإقليم من الوجود السياسي للشرق الأوسط، ومعه القضية الكردية سواء أكانت في إيران أو في الدول العربية أو تركيا، وذلك بضربة واحدة. ولهذا أعطت الشوفينية القومية الفارسية والعربية التأييد والدعم للشوفينية التركية.

لقد ظهرت كافة أبواق الدعاية للشوفينية القومية العربية والفارسية والتركية على شاشات التلفزة وبدأ أصحابها يصبون الزيت على النار ويؤيدون الغزو التركي ويشجعونه. لقد تعالت الأصوات الشوفينية لمدة عشرين يوماً مع تحشد القوات التركية. وفجأة اختفت وسكتت ولم نعد نسمع شيئاً عن أخبار هذا الجيش العرمرم ولا أصوات أبواق الدعاية الشوفينية القومية لا العربية ولا الفارسية ولا التركية.

ترى ما الذي حصل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وطريق الحقيقة تجيب: إن الذي حصل هو الآتي:

  1. (ما كل مرة تسلم الجرة) لقد سلمت جرة الشوفينية التركية عندما ضغطت على سوريا بدعم أمريكي، واستطاعت أمريكا أن تلاحق عبدالله أوجلان لحين وضعه في الطائرة بعد تخديره وتسليمه للمخابرات التركية. حيث حكم عليه بالإعدام.

لقد فرحت الشوفينية القومية التركية والعربية والفارسية لهذا العمل الغريب والعجيب الذي قامت به أمريكا لحساب الشوفينية التركية. بالرغم من تشدقها بالقيم الإنسانية النبيلة وبنظامها الديمقراطي ودولة القانون.

ولكن هل انتهت القضية الكردية، وانتهى معها وجود الشعب الكردي؟

  1. وفي هذه المرة لجأت تركيا إلى أمريكا أيضاً طالبة منها مساعدتها بتسليمها بقائمة طويلة من الزعماء الأكراد. ولكن في هذه المرة بالضغط على العراق بدلاً من سوريا. وفي هذه المرة لم تسلم الجرة. فانكسرت الجرة وسال منها السمن والعسل واختلط بالتراب ولم يعد بالإمكان لملمته.

لقد ذهب كبير القيادة السياسية في تركيا أردوغان إلى أمريكا بعد أن تم حشد مائة ألف جندي على الحدود مع العراق وتم تحضير كل شيء لغزو إقليم كردستان العراق بالتحديد. لقد ذهب أردوغان وهو يحمل في دماغه أفكاراً من استراتيجية القرن العشرين وأفكار التوازن الدولي السابق وفق الاستراتيجية القديمة التي كانت أمريكا تمارسها في الشرق الأوسط وكانت تركيا تمارس سياستها على ضوئها في الشرق الأوسط.

لم توافق أمريكا على هذا الغزو لأن استراتيجيتها الجديدة لم تقبل بذلك. فرجع أردوغان بخفي حنين من أمريكا.

ثم جاء الجواب للشوفينية القومية التركية من جلال طالباني رئيس الجمهورية العراقية الاتحادية الديمقراطية ومسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق، أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقداه في إقليم كردستان حيث قال جلال طالباني بالحرف الواحد عندما سُئل عن القائمة الطويلة التي تطالب بها الشوفينية القومية التركية من الزعماء الأكراد حيث قال (إننا لا نسلم حتى قطة واحدة). ثم سُئل مسعود البرزاني وقالوا له: (هل تعتبر حزب العمال الكردستاني حزباً إرهابياً أم لا). حيث أجاب البرزاني: عندما تقدم تركيا مشروعاً للحل عن طريق المفاوضات السلمية مع الأكراد وإذا لم يقبل حزب العمال الكردستاني هذه المفاوضات واستمر في حمل السلاح والقتال عندها سنعتبر هذا الحزب حزباً إرهابياً، أما الآن.. فلا.

ونحن نضيف حسب المعلومات المتسربة عن التحركات التي كانت تجري فوق جبال كردستان وظهرت نتائجها الآن وهذه المعلومات هي:

  1. منذ مدة ليست بقصيرة أن ضباطاً كباراً أمريكان قد اجتمعوا مع قيادة حزب العمال الكردستاني.
  2. هناك شخصيات كبيرة من المعارضة السياسية التركية قد اجتمعوا مع قادة حزب العمال الكردستاني.
  3. هناك شخصيات رسمية من الحزب الحاكم قد اجتمعوا مع قادة حزب العمال الكردستاني وطلبوا منه وقف إطلاق النار وهذا ما تم فعلاً.
  4. وقبل مدة قصيرة قبل أن تحشد الشوفينية التركية قواتها على حدود العراق. قدمت طلباً رسمياً إلى أمريكا مستفسرة عن وجود الأسلحة الأمريكية في يد مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
  5. إن إسقاط طائرات الهليكوبتر التركية مؤخراً تدل على وجود أسلحة صاروخية متطورة في أيدي مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
  6. عدم موافقة أمريكا لغزو العراق.
  7. رجوع أردوغان من واشنطن بخفي حنين.

تدل هذه المعلومات كلها على أن شيئاً ما يجري من وراء الستار. وإن استراتيجية جديدة قد رسمت للشرق الأوسط. وإن القضية الكردية أخذت مكانها في هذه الإستراتيجية.

علماً بأن الجيش التركي وبناءاً على اتفاقيات أمنية التي وقعها مع النظام العراقي السابق. قد دخل إلى الأراضي العراقية لعدة مرات ولم تكن لها هذه الضجة ولا مثل هذه المعارضة.

لقد وقف الاتحاد الأوروبي ضد هذا الغزو بلغة دبلوماسية مفهومة، وحتى حلف الناتو وقف ضد هذا الغزو. والأمين العام للأمم المتحدة وقف ضد هذا الغزو. بالإضافة إلى جميع القوى الديمقراطية في الشرق الأوسط.

لقد جرت الشوفينية التركية معها الشوفينية العربية والفارسية إلى هذه المعركة وأدخلتهما في ورطة………!!!!!!!!!!!!!

لقد قال الحكماء ومنذ زمن طويل (عصاية العز هزها ولا تلزها). يبدو أن تركيا لم تأخذ بهذه الحكمة.

لقد حشدت الشوفينية القومية التركية مائة ألف جندي على حدود إقليم كردستان لغزوه كما غزت سابقاً قبرص لتعلن هناك دولة لم يعترف بها أية دولة في العالم سوى تركيا. وبذلك خلقت أكبر مشكلة للعالم بين دولتين مشتركتين في الحلف الأطلسي. وقد أرادت هذه المرة أيضاً أن تستخدم هذه العصا الغليظة لتعلن عن دولة تركمانية في كركوك. فانقلب السحر على الساحر. وانقلبت نتائجها عكسياً على تركيا بأكملها.

لقد غامرت تركيا بورقتها الأخيرة وهو الجيش.

إن الشوفينية القومية التركية هذه المرة لم تقرأ التاريخ جيداً وتصرفت كما كانت تتصرف وفق عقلية القرن العشرين ولم تدرك خطورة المتغيرات التاريخية السياسية والإعلامية التي حصلت بعد انهيار التوازن الدولي السابق. وها هي تسير إلى نهايتها المحتومة كما سار صدام حسين ممثل القومية الشوفينية العربية.

(مؤتمر أنابوليس):

ولنعد إلى عنواننا الذي وضعناه في المقدمة وهو موضوع الساعة – مؤتمر أنابوليس:

إن مؤتمر أنابوليس هو مؤتمر سياسي. والسياسة عامل مكثف للاقتصاد. وهذا يعني صراع المصالح الاقتصادية. وقد أطلقنا على المؤتمر بـ “استراحة المحاربين”.

لقد سئم المحاربون من الحرب. وقرروا الاجتماع حول طاولة المفاوضات. والآن جاء دور الكلام والاتفاقات وعن مقدار ما يحصل عليه من الطرف الآخر. ومن ثم الإعلان عن وقف الحرب نهائياً.

ستجتمع هناك الأطراف المتحاربة ليخوضوا حرباً بدون رصاص. وفي مخيلة كل واحد بأن يأخذ أكبر قدر ممكن من المكتسبات.

وهنا نود أن نوضح بعض الأمور:

إن جميع القضايا العالقة بين الأطراف لم تحل بالحرب، مادامت قبلت الأطراف بالحل السلمي. وتسوية القضايا المتنازع عليها والتي كانت سبباً في الاقتتال.

بعد أيام سيجري في هذا المؤتمر حوار سياسي هام وسيكون منعطفاً تاريخياً خطيراً، وستكون نتيجته إما الاتفاق وإما الحرب مرة أخرى. فعلى كل مُحاور سياسي أن يدرك – كي يجري حوار الاتفاق – لا بد أن تكون هناك نسب من المكتسبات. وعلى كل مُحاور سياسي أن يدرك أنه ليس باستطاعته أن يحصل على نسبة 100%. وهذا يعني أنه لا حوار بل فرض إرادته بالقوة. وإن المُحاور الذي يطلب هذه النسبة هو منتصر في الحرب.

ستكون هناك نسب قد تكون 10% أو 50% …الخ تدخل في توزيع هذه النسب عوامل كثيرة. وما مدى امتلاك المُحاور من القوة. وستكون هناك تنازل ومساومات وقد تكون هناك صفقات. وعلى كل محاور أن يدرك أنه سيتنازل عن أشياء وينفذ أشياء. ويحصل بالمقابل على أشياء ما كان بالإمكان أن يأخذها بالحرب.

فإذا لم يتم التنازل عن أشياء وتنفيذ بعض الأشياء فلا جدوى من عملية الحوار.

وأخيراً: يجب أن يتعلم المُحاورون بأن صبر الشعوب في الشرق الأوسط قد نفذ ولم يعد باستطاعة هذه الشعوب أن تتحمل أكثر من المعاناة المعيشية التي يعيشونها.

ولكي يكون للمُحاور وزن في هذا المؤتمر، يحتاج المُحاور إلى دعم قوى كبرى وبيدها مفتاح الحل.  ونظراً للسياسات التي مورست في الشرق الأوسط سابقاً أدت إلى فقدان الثقة بين الأطراف ونتيجة لتمسك البعض بالاستراتيجيات القديمة التي رسمت في مرحلة التوازن الدولي المنهار سيؤدي مؤتمر أنا بوليس إلى الفشل وبالتالي إلى ضياع فرصة تاريخية قد لا تأتي ثانية.

ولا بد من التذكير ثانياً من أن القوة العظمى الآن والمتحكمة في مصير العالم هي أمريكا. وهي جادة لحل هذا الصراع العربي الإسرائيلي. ومن الأفضل اغتنام هذه الفرصة التاريخية للوصول إلى الحل. وإلا ستجابه شعوب منطقة الشرق الأوسط قرناً آخر من حياة الذل والبؤس والفقر والهجرة والتناحر ومع محاولة البعض امتلاك أسلحة تدمير شامل قد يجر المنطقة بأكملها إلى الكارثة وتكون ضحاياها أكثر من الحربين العالميتين.

وطريق الحقيقة لها كلمة بمناسبة انعقاد هذا المؤتمر.

نقول كلمتنا للتاريخ كي لا تحاسبنا الأجيال اللاحقة وتلعننا:

لقد قلنا أن هناك فئتين في الشرق الأوسط:

  1. فئة أولى تمثل النخب السياسية الحاكمة. والتي تسكن في القصور الفخمة ولها رصيد هائل من المال جمعتها من مص دماء شعوبها وستحاول المستحيل كي يبقى الوضع كما هو والاستمرار في التمتع بوضعها.
  2. والفئة الثانية هي الملايين من أبناء الشعب العربي والتركي والفارسي والكردي وجميع الأقليات الذين يعيشون أتعس الحياة ويبحثون عن لقمة عيشهم من أكوام القمامة ويهاجرون أوطانهم بالملايين. إنهم لا زالوا يحلمون بالحياة السعيدة والأمن والاستقرار والرخاء الاقتصادي.

ونحن في طريق الحقيقة عاهدنا على أنفسنا أن يكون قلمنا معبراً عن أحلامهم وآمالهم وآلامهم. وسنطالب بحق هذه الشعوب في الحياة الحرة الكريمة.

ونوجه كلمتنا الحرة بدون خوف ولا طمع في مال مستخدمين وعينا وشجاعتنا من ثقافة ديننا الإسلامي الحنيف حيث علمنا أن نقول كلمة الحق: ((إن من أحق الإيمان قول كلمة حق عند سلطان جائر)). وبناءاً عليه نقول:

كفى أيتها الشوفينية القومية التركية في ارتكاب المظالم والإبادات الجماعية وتدمير القرى والتهجير بحق الشعب الكردي.

وكفى لسياسة الإنكار والصهر الممارس بحق الشعب الكردي والقوميات الأخرى.

ليس الشعب التركي وحده يحق له الحياة الإنسانية الحرة الكريمة وأن يعيش. بل هذا حق لكل قومية وشعب وأقلية وفق حقوق إنسانية متساوية.

كفى أيتها الشوفينية القومية العربية السير وراء سياسة الإنكار والصهر والإبادة للشعب الكردي والأقليات الأخرى. ليس الشعب العربي وحده يحق له الحياة.

كفى أيتها الشوفينية القومية الفارسية بإلحاق الأذى والخراب والدمار والقتل بالشعب الكردي والعربي والبلوشي والأزري وكفى لسياسة الإنكار والصهر. ليس الشعب الفارسي وحده يحق له الحياة، بل للآخرين لهم حق العيش في حياة إنسانية كريمة.

وأخيراً كفى أيتها الشوفينيات الثلاث العربية والفارسية والتركية من مص دماء شعوبكم ونهب أموالهم وسحق حريتهم وقطع ألسنتهم. إن التاريخ لن يرحمكم. غيروا أنفسكم واستبدلوا أنظمتكم الشمولية المطلقة بنظم سياسية ديمقراطية. وانشروا ثقافة الديمقراطية ليتعلم أجيالنا احترام الآخرين عندها ستحظون باحترام ومحبة شعوبكم ومحبة واحترام العالم كله.

فهل أنتم تتعظون من التاريخ ومستعدون للتغيير؟؟؟؟

إن التغيير أصبح استحقاقاً تاريخياً لا مفر منه، فإما أن تغيروا أنفسكم بنفسكم وتسلموا وتسلم شعوبكم. وإما أن تأتي قوى خارجية لتغييركم.

إن العالم وشعوبكم لم تعد تستطيع أن تتحملكم.

وها أنتم اليوم أمام خيارين. ولكم الحرية في أن تختاروا ما يناسبكم.

 

حلب في    محمد تومه

27/11/2007        أبو إلياس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أبو إلياس – طريق الحقيقة رقم 31

طريق الحقيقة رقم 31 موضوع الحلقة: هل امريكا هي القطب الوحيد الغير منازع لمئة سنة قادمة. ول…